تذكّرت حكاية السوداني التي انتشرت في مقطع فيديو، وهو يصيح مذهولاً في مقبرة النسيم، باحثاً عن جنازة والده، بينما الآخرون يؤكدون له أنه تم دفنه، حتى عثروا على جنازته بجوار غرفة الحارس لم تدفن بعد.. أقول تذكرت ذلك حينما قرأت قصة سيدة في القصيم تم تسليمها بالخطأ إلى عائلة هندية، بينما تسلمت العائلة السعودية جثمان سيدة هندية متوفاة، في تكرار خطأ التبادل الذي حدث قبل سنوات مع مولودين، أحدهما سعودي، والآخر تركي، لكن الخطأ هذه المرة لم يحدث مع الأحياء، بل حتى مع الموتى!
للأسف هذا الخطأ وقع في مستشفى الملك فهد التخصصي في بريدة، وهو مستشفى لا تتوقف فيه الأخطاء الطبية، والمستوى المتدني للخدمات، على الرغم من أنه مطمح كثير من المرضى والمراجعين في جميع مدن القصيم وقراها، فمثلاً كل من لديه مريض في هذا المستشفى عليه أن يتفرغ له، ويصبح معقباً يركض خلف ملف مريضه، لأنه يمكن إجراء تحاليل وأشعة لكنها قد تضيع بسبب الإهمال، فضلا عن أن قسم العناية المركزة يفتقد أبسط شروط الحماية الطبية للمرضى والمراجعين.
لذلك من الطبيعي أن يمتد الإهمال حتى لقسم الثلاجة، ومن الطبيعي أن تبرر الصحة بأن ذلك هو خطأ بشري، ومن قال إنه خطأ آلي مثلاً، لكن هذا الخطأ هو بسبب إهمال، كما هي أخطاء طبية كثيرة تحدث في هذا المستشفى، ولا أريد أن ألقي التهمة على مأمور الثلاجة فحسب، بل على إدارة المستشفى بأكمله، وبما يعانيه المراجعون والمرضى من إهمال، وعدم اكتراث، على الرغم من أن هذا المستشفى الأهم على مستوى منطقة القصيم!
قبل سنتين كانت والدتي - رحمها الله - في حالة حرجة تحتاج معها إلى ضرورة نقلها إلى العناية المركزة، لكنها بقيت في الأجنحة العادية بادعاء عدم وجود سرير، إلى أن انتكست حالتها في منتصف الليل قبل العثور لها على سرير في اليوم التالي، بعد استنفار الآخرين واستجدائهم، ولكن الأمر كان قد فات، ونفذ أمر الله سبحانه بتعرضها لتلك الانتكاسة، التي كان سببها الرئيس، بعد الله، فوضى هذا المستشفى وإهماله وتردي خدماته.
من هنا، أناشد أمير المنطقة، بالنظر في مستوى إدارة هذا المستشفى، ليس بسبب خطأ تسليم جثمان مكان آخر، بل بسبب ضعف إمكاناته، وعدم مواكبة قدراته المتواضعة، وسعته السريرية، لحجم المنطقة الكبير، وكثافتها السكانية، وكذلك تواضع الكفاءات الطبية فيه، والخدمات المساندة. ففي مدينة كبيرة مثل بريدة، لا يوجد سوى مستشفيين فقط، التخصصي والمركزي، ويعتبر السكان المستشفى الأول هو الأفضل من بين الموجود في مدن المنطقة، لكنه يحتاج إلى الالتفات والاهتمام بتطويره، كي لا تتكرر كوارثه، التي جعلت معظم سكان بريده يطلقون عليه «مستشفى التخرصي» كناية عن عدم دقة التشخيص التي ترتكب ضد حالات متعددة من المرضى!.