هذا سؤال نوقش وطُرِح منذ قديم الزمان وإلى اليوم، وهو يُسأل ويُدْرَس، ولا مفاجأة في هذا؛ فالإنسان جُبِل على الفضول وحب استكشاف المجهول، خاصة إذا كان المجهول ذا علاقة بالإنسان. ومن أشد الأشياء إثارة للفضول هو هذا السؤال عن مستقبل الأرض، فبعض الأقدمين قَدّروا تواريخ لنهاية الأرض، وتنبؤوا بكيفية معيشة أهل المستقبل (أي نحن اليوم مثلاً)، وبعضهم تمنى لو أنه يستطيع أن يتخاطب مع بشر المستقبل ويتحادث معهم عن كل ما يمكن الكلام عنه من حضارة وثقافة وسياسة وأحداث ودين وغير ذلك، وهذا لم يكن ممكناً طبعاً لأهل الماضي، لكن الغريب أنه بسبب التطور العلمي الهائل الذي نعيشه اليوم فقد صرنا أقرب من أي وقت ماضٍ أن نتخاطب مع أهل المستقبل!
ليس بشكل مباشر طبعاً مثل محادثة عبر الهاتف أو ما شابه، ولكن بشكل غير مباشر، والقصة أنه تعاونت وكالة الفضاء ناسا مع وكالة الفضاء الإيطالية وصنعا القمر الصناعي المُسمّى «لاغيوس» الذي يطوف الأرض حالياً، وفي داخله شيء مثير. هذا القمر الصناعي صغير ودائري الشكل، وقُطره 60 سم، ويحمل معلومات كثيرة، يسجلها ويخزنها باستمرار، من أهمها حركة صفائح الأرض التي تسبب الزلازل بقدرة الله، ومجال الجاذبية الأرضية وحركة دوران الأرض حول نفسها.. لكن ما أثار انتباهي في المعلومات التي يحملها هذا القمر الصناعي هو شيء شيق: هذا القمر يحمل رسالة لبشر المستقبل وللكائنات الفضائية العاقلة التي قد تتوصَّل لفهم لغات البشر في المستقبل، وهذا بافتراض أن هناك كائنات عاقلة موجودة الآن، وقد تقوم مستقبلاً بدراسة لغاتنا وفهمها.
جزء من هذه الرسالة هو خرائط للأرض من ثلاث أحقاب زمنية من الماضي والحاضر والمستقبل: خريطة من الزمن الحالي، وخريطة قبل وقتنا المعاصر بمائتين وست وثمانين مليون سنة، وأما الجزء الشيق الذي أشرت إليه آنفاً فهو خريطة متوقعة للأرض بعد 8 ملايين سنة. لماذا هذا التاريخ بالذات؟ لأن هذا هو الزمن المتوقع لسقوط القمر الصناعي، فالأقمار الصناعية تدور في الفضاء لفترات معينة، ولكن في النهاية ستسقط. يا ترى، كيف سيكون حال الأرض آنذاك؟ بل هل سيكون هناك بشر أصلاً؟ شخصياً، أستبعد ذلك، ولاسيما أن النصوص الشريفة أشارت إلى أن نهاية الأرض اقتربت نسبياً، فمن القرآن قال الله تعالى: «اقتربت الساعة وانشق القمر»، فكان انشقاق القمر من علامات اقتراب نهاية الأرض، وأما من السُنَّة المطهّرة فقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بُعِثتُ أنا والساعة كهاتين - وقَرَن بين إصبعيه الوسطى والتي تليها»، والنبوءات التي ذكرها رسولنا من علامات الساعة الصغرى تحقق الكثير جداً منها أو كلها، وبقيت علامات الساعة الكبرى، وكل هذا في مئات السنين الماضية حصل، فعليه فإنني أستبعد أن يكون هناك بشر بعد 8 ملايين سنة بل لا أظن الأرض نفسها ستكون باقية!
هذا طبعاً مجرد توقع شخصي، ولم أبنِه على معلومات قاطعة؛ لأنه لا يوجد شيء أكيد، لكن ما رأي القارئ الكريم؟ هل سيكون هناك بشر وكواكب بعد 8 ملايين سنة من الآن؟
Twitter: @i_alammar