|
«صورة لحارتنا بالأمس في رمضان»
لو عدت بكم لألقي نظرة عاجلة من نافذة الذكريات على شكل حاراتنا قبل عقود بسيطة في شهر رمضان، حاراتنا في جميع مناطق المملكة بحكم أن الثقافة واحدة، فهي صورة واحدة قد لا تختلف إلا قليلاً، لوجدناها ترتدي حلة قشيبة من الفرح والنشاط والحركة، منذ أن يُعلن دخول هلاله، نجدها تصطبغ بشكل لا مثيل له في غيره من الشهور، يطغى عليها الفرح الطبيعي، من خلال انتشار أولاد الحي «الأطفال والشباب» وتجمعهم في تقاطعات شوارعه، وفي ميادينه «البرحات» بشكل تلقائي، وكأنهم جاؤوا ليتبادلوا التهاني بينهم فرحا برمضان، وفيما أتذكره، محاولا أن أعيد بعضكم لتذكر أيام خلت، وسنوات مضت، خاصة وأن الحنين يسوقنا دوما إلى تذكر الماضي والشوق إليه، أو كما قال النابغة الجعدي» تذكرت والذكرى تهيج على الفتى .. ومن حاجة المحزون أن يتذكرا «لأقدم صورة قد لا يعرفها أجيال اليوم، بودي أن يتعرفوا عليها، أن كل حي يزيد نشاط شبابه في ليالي رمضان، والفرحة به تطغى على مشاعرهم وإحساسهم، فهم بجهودهم الذاتية، يحولون شوارع الحي، وميادينه التي تسمى البرحات، إلى ملاعب لممارسة «كرة الطائرة وهي أشهر الرياضات الممارسة في رمضان، وفي جانب آخر، كانت الجلسات تعقد جوار المنازل، فتجد مجموعات متجانسة في العمر عادة من متوسطي العمر، وقد التفوا حول بعضهم فوق أحد الأرصفة، وحولهم «مشروبات ساخنة» وعلى رأسها الشاي، وبعض الأكلات الرمضانية التي تُحضر من بيوتهم، وكان الأطفال الصغار ينشدون ليمارسوا ألعابا تشتهر في رمضان، ولها مسميات تختلف من منطقة إلى منطقة، لعلني بذكرها أعيد الحنين إليها وتذكرها من قبل جيلي على الأقل مثل: «الخشّيشة، الغميمة، كرة القدم ومسابقات تجرى في الأندية والأماكن الخاصة التي تعد لمباريات القدم»وغيرها، اليوم بالنظر لأحيائنا، نجدها قد ودعت بعض هذه الملامح الجميلة التي شكلتها بالأمس، بسبب وجود الملاهي التي سحبت أولادنا من ميادين الأحياء وشوارعها، وبسبب انتشار أجهزة التقنيات الحاسوبية المليئة بالألعاب، والتي أشغلتهم خلفها لساعات طوال، ودفعتهم للانزواء خلف جدر بيوتهم.
محمد بن إبراهيم فايع
mfaya11@hotmail.com