أشرت في المقال السابق إلى أن عمارة الملك عبدالله للحرمين الشريفين انطلقت من حلول جذرية لمشكلات أزلية وقديمة كان الحج وما زال يعاني منها وهي: الطواف, والسعي, ورمي الجمرات. رابعاً: الطواف إحدى معضلات الحج طوال التاريخ لأن قطر صحن الحرم صغير جداً ولا يستوعب الحجاج في طواف القدوم والوداع، حيث يرغب (3) ملايين من الحجاج إتمام الطواف في وقت محدد وفي حيز مكاني ساحته صغيرة, وذكرت كتب التاريخ والسير والبلدانيين والرحالة الكثير من حوادث الموت والاختناقات, وفي السنوات الأخيرة زادت الحوادث في الطواف حول الكعبة لذا سعى الملك عبدالله - حفظه الله- إلى حل توسعة المطاف لتدخل ضمنه رواق القباب العثمانية.
خامساً: أتاحت عمارة الملك عبدالله في صحن المسجد (المطاف) إلى تهيئة وتأهيل الأروقة المحيطة بالكعبة المشرّفة والسطح بحيث يستطيع الحاج والمعتمر الطواف من: (1) صحن الحرم، (2) رواق الدور الأرضي، (3) رواق الدور الأول، (4) رواق الدور الثاني، (5) السطح.
سادساً: تمت تهيئة الحرم ليكون دائرة كبيرة للطواف انطلاقاً من مركزية الكعبة المشرّفة تلتف حولها الأروقة والمصابيح والمجنبات لتؤدي دور ومهمة الطواف، وهي فكرة هندسية نبعت من الحلول التي توصل لها المهندسون والعلماء والمشايخ وأهل الفقه.
سابعاً: يتضح من عمارة الملك عبدالله داخل الحرم المكي أو الأروقة اللصيقة بالكعبة، وأيضاً من عمارة المسعى هو الاستفادة من العمارة الرأسية بأن تكون مستقبلاً المباني دائرية ومتعدّدة الأدوار لاستيعاب الأعداد المستقبلية التي قد تصل (10) ملايين حاج.
ثامناً: تحويل الأقبية السفلية إلى مناطق خدمات مثل دورات المياه بأعداد كبيرة ومساحات مفتوحة, وهي خدمة كانت تعانيها منطقة الحرم وتسبب للحجاج الحرج الشديد وتشوّه منطقة الحرم ولا تحافظ على النظافة والصحة العامة. لذا جاء مشروع المرافق العامة ليسد احتياج زوار الحرم ويقلّل من تنقلاتهم التي كانت تضيف أعباء على الحركة في محيط الحرم. والخلاصة أن الحرم بعد اكتماله قد يأخذ الشكل الدائري من أجل تحقيق مركزية الكعبة المشرَّفة تدور حولها الأروقة والمصابيح في الأدوار الأرضية والأولى والثانية والسطح. وإذا تحقق ذلك فإن الحاج سيكون عنده خيارات عدة في الطواف.