في مثل هذا الوقت من كل عام تختلط المشاعر؛ فيتيه الفكر، وتضطرب الكلمات، وها أنذا أحاول أن ألملم شتات عبارات انقسمت فيما بينها إلى فئتين؛ فئة يغمرها شعور جميل ينطلق نحو خطوة أخرى باتجاه محطة البناء والعمل، وأخرى يختلجها إحساس حزين يعانق فيهم، وفينا، متاهات الأمل.
أعوام عديدة أمضيتموها في مراحل تعليمكم العام؛ الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية؛ واليوم أعلنت نتائج الثانوية العامة، وحتماً نحن أمام فريقين.
- فريق يحتفل بنجاحه.
- وفريق ينفرد مع نفسه محاولاً الابتعاد عن الآخرين بسبب كبوته الناتجة عن شيء من التراخي والإهمال، ولهذا الفريق أقول: هوّنوا عليكم، فهذه ليست النهاية، بل أنتم أمام كبوة نفسٍ أصيلة؛ تنتصر على كبوتها، وتتوقف إزاءها وقفة الهمة نحو انطلاقة مختلفة؛ انطلاقة يعمرها العزم على أن تكونوا أصحاب الفريق الأول، فهلموا لتشاركوا أقرانكم فرحتهم فقد جدّوا، واجتهدوا، وثابروا، وسهروا، ولهم علينا حق الاحتفاء بهم، والأمل أن نحتفي بكم في العام القادم إن شاء الله.
وللفريق الثاني أحمل أحلى باقات الورود، وبقلب تنتفض فيه الفرحة أصافحهم معبراً لهم عن اعتزازنا بهم وبنجاحهم، وفي الوقت نفسه أقول لهم:
ها أنتم ـ ونشوة النجاح تغمر صدوركم ـ تجتازون المرحلة الثانوية،
ها أنتم تغادرون إلى عالم مختلف؛ عالم الحياة بكل صراعاتها ومسؤولياتها،
فما أنتم فاعلون أمام بابين مفتوحين على مصراعيهما؟
- باب الركون إلى الخمول والكسل، ومن ثم الفشل، فتكونوا عبئاً ثقيلاً يرفضه المجتمع!
- أم باب المواجهة بعزم وإصرار، ومواصلة تحصيل العلم بحب وإقبال، ومن ثم العمل بجد نحو تحقيق الآمال، فتكونوا أعضاء فاعلين في مجتمع أنتم سواعد غده، وحاملو مشعل نمائه وتطوره!
ومما لا شك فيه أن آباءكم وأمهاتكم، والمحبون من حولكم، ينظرون إليكم بعين الإكبار والفخار، ويتطلعون إلى خطواتكم المقبلة؛ أو بالأحرى إلى قراراتكم التي ستتخذونها تجاه مستقبلكم!
آباؤكم وأمهاتكم يدركون أنكم قادرون على اتخاذ القرار المناسب.
والثقة تملؤهم أنكم ستقتحمون الباب الثاني بلا ريب؛ باب مواصلة تحصيلكم العلمي، ويتركون لكم اختيار التخصص الذي يتناسب وقدراتكم، ويتواءم مع طموحاتكم،
وها هم ينامون ويستيقظون على هم الاطمئنان عليكم!
أكرر التهنئة، وأسأل الله لكم التوفيق والسداد.
aaajoudeh@hotmail.comكاتب فلسطيني - الرياض