تحمل «أكاديمية التغيير» شعار «ثورة العقول بداية التغيير» وهو شعار كبير مضلل وخادع ويحمل بين طياته كثيراً من المعاني الزئبقية المتغيرة القابلة لتفسيرات متضادة قد تكون في قمة المهادنة والعقلانية وقد تمتد إلى قمة الثورة والرفض والانقلاب والراديكالية!.
أما كيف تطورت هذه الأكاديمية لتشكل نواة التغيير في المنطقة العربية ومحضن ولادة كثير من التنظيمات المتفرعة عنها؛ كملتقى النهضة الشبابي وحركة شباب 6 إبريل؛ فهي قصة تستحق التوقف ونحن نواجه مشروع برنارد لويس الانقلابي لتخليق شرق أوسط جديداً بفكر وتمويل أمريكي غربي مشترك حين وجد الأجنبي الفرصة سانحة للبدء في تنفيذ هذا المخطط الاستعماري التفتيتي؛ فقد وجد نفوساً مشحونة وضمائر قلقة وجماعة حالمة بالسلطة متطلعة إلى الانقضاض على الأنظمة الحاكمة في طول الخارطة العربية وعرضها؛ ابتداء من مصر وليس انتهاء بتونس أو اليمن أو سوريا أو ليبيا وغيرها!.
التم المتعوس على خايب الرجا!
هكذا يقول المثل الشعبي؛ فقد التقت رغبات التغيير عند بعض الشباب المصري الثائر على نظام حسني مبارك مع آمال خفية ساكنة في مخيلة المستعمر الغربي، وهذه المرة لم تكن في واشنطن؛ بل في لندن، فقد أنشأ ثلاثة مصريين مطاردين من استخبارات النظام المصري القديم موقعاً على شبكة الإنترنت عام 2006م ينظر للثورة على النظام ويضع مخططات وأفكاراً قابلة للتنفيذ؛ كالمسيرات والاعتصامات والمظاهرات وحمل الشعارات وغيرها، وهم طبيب الأطفال د. هشام مرسي زوج ابنة الدكتور يوسف القرضاوي الإخواني الكبير المقيم في قطر، والمهندس المدني وائل عادل، والكيميائي أحمد ماهر منسق حركة شباب 6 إبريل لاحقاً، ثم انضم إليهم من مصر منهدس الكمبيوتر سعد بحار، وقد استغلت الاستخبارات الأمريكية والبريطانية هذه الحركة وتم تنسيق مشترك وتلقت دعماً مالياً وتسهيلات كبيرة في التحرك أثمرت عن محاضرات تنظيمية في مقاهي متعددة بالقاهرة مع من انتموا إلى الأكاديمية، واستغل الأعضاء حالة التململ في طبقة العمال فاشتغلوا على تصعيد غضب عمال نسيج المحلة الكبرى ليشارك عشرون ألف عامل في إضراب عن العمل استمر ستة أيام، ثم شجع هذا النجاح تيارات شبابية لتنضم إلى الأكاديمية وتنشئ تياراً جديدا ًمنبثقاً عنها؛ هو «حركة شباب 6 إبريل» الذي كان له دور كبير في ثورة 25 يناير بالتنسيق مع حركة كفاية وجماعة الإخوان المسلمين.
ولكي تكون «أكاديمية التغيير» في قلب المنطقة العربية انتقلت من لندن إلى الدوحة 2009م ثم افتتحت لها فرعاً في فيينا 2010م لتدريب الشباب على أساليب وتكتيكات الاحتجاج، وتنظيم الاعتصامات، وقيادة المسيرات، ورفع الشعارات، والكر والفر في مواجهة قوى الأمن وبناء وتشكيل التنظيمات المنقطعة غير المتصلة حفاظاً على الوجه الخفي من الحركة، وحماية للأعضاء المؤسسين! وهو الأسلوب الذي تم بكامل الدقة في يوم 25 يناير يوم جمعة الغضب وما تلاه خلال الأيام الثمانية عشر الحاسمة التي أدت إلى إسقاط النظام المصري القديم.
تدعي أكاديمية التغيير أنها لا تنتمي إلى دولة معينة ولا تتلقى دعماً مالياً من أي نظام سياسي، وأنها لا تنطلق من أيدولوجيا محددة، ولا تتخذ العنف سبيلاً للتغيير؛ بل المطالبات السلمية! وكل هذه الدعاوى المنشورة على موقع الأكاديمية كاذبة وغير صحيحة؛ فهي تنظيم سياسي مؤدلج، يسير ويوجه من مخابرات أمريكية وبريطانية، ويتلقى دعماً مالياً كبيراً منهما وتسهيلات لوجستية، بدليل أن هشام مرسي سجن في عهد حسني حين شك في أمره؛ ولكنه أخرج من المعتقل بضغط بريطاني، والأكاديمية مبنية على فكر إخواني وتنسيق مع مكتب الإرشاد وتتفاعل في عملها مع تيارات ليبرالية وعلمانية ووطنية متعددة لإنجاح خطابها التغييري، وهو الأمر الذي تجلى واضحاً كل الوضوح في مشروعات «ملتقى النهضة الشبابي» الذي عقدت منه دورتان في المنامة والدوحة.
وللحديث صلة،،،
moh.alowain@gmail.commALowein@