لم يعد نتنياهو قادراً على رفض الطلب الأمريكي باستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين لتلويح الجانب الأمريكي بتقليص الدعم والمساعدات إلى الكيان الصهيوني، كما أنه يعلم أن إبداء رفض صريح للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل سيزيد من العزلة الدولية التي تزداد حول الكيان الصهيوني، ولهذا، فقد انتهج الأسلوب الإسرائيلي المعتاد بمعاكسة جهود السلام، باتخاذ إجراءات تمثل عقبات جديدة تهدد بإلغاء استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وتنسف عملية السلام بأكملها، إذ يصر الإسرائيليون على مواصلة إنشاء المستوطنات، وبوتيرة عالية، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يصعب تنفيذ القاعدة الأساسية للسلام بإقامة الدولة الفلسطينية التي لن تجد أرضاً تقيم عليها دولتها فضلاً عن تقطيعها ومنع التواصل بين أجزائها، ولهذا، فإن كل القوى الدولية بما فيها حلفاء إسرائيل يعارضون إقامة المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، فوزير الخارجية الأمريكي جون كيري جدد رفض أمريكا لهذا التوجه الإسرائيلي، وقد أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية في مؤتمرها الصحفي بعد إعلان تل أبيب عن نيتها إنشاء ما يقارب ألفي وحدة سكنية جديدة، إذ قالت جينفر بساكي للصحفيين، إن هذه الإعلانات تأتي في وقت حساس، وقد أبلغنا قلقنا البالغ للحكومة الإسرائيلية!! مؤكدة بأن السياسة الأمريكية لم تتغير، نحن لا نقبل بشرعية النشاط الاستيطاني المستمر.
أما الأوروبيون حلفاء الكيان الصهيوني الآخرون، فقد جددت كاثرين أشتون مسؤولة العلاقات الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي تأكيد الموقف الأوروبي القديم والثابت الذي يرى أن المستوطنات في الصفة الغربية غير مشروعة بموجب القانون الدولي كما أنها تهدد بعدم إمكانية حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني القائم على الدولتين.
في الجانب الفلسطيني يرون في التمادي الإسرائيلي في استغلال السكوت الأمريكي عن هذا التخريب المتعمَّد للمفاوضات من قبل الإسرائيليين محرجاً لهم، ويدفعهم بقوة إلى عدم المشاركة في مسيرة التفاوض المقرر بدؤها اليوم الأربعاء، على استمرار البناء الاستيطاني الإسرائيلي.
نتنياهو وعشية بدء المفاوضات، وضع الأمريكيين والفلسطينيين معاً في موقف لا يحسدان عليه، فإما أن يقبلا باستئناف المفاوضات مع استمرار عمليات الاستيطان، أو لا يرفض الفلسطينيون هذا (الفرض) لتقوم الآلة الإعلامية الصهيونية على تصويرهم وإظهارهم على أنهم يرفضون السلام، وتقديم إسرائيل على أنها هي التي تعمل من أجل السلام وتغيب أفعالها التي تنسف السلام من أساسه.
jaser@al-jazirah.com.sa