انهيار عمارة سكنية تحت الإنشاء هو أمر مرعب، فأنت حين تلقي نظرة على صورة منشورة في صحيفة لعمارة منهارة وهي لازالت تحت الإنشاء تحمد الله أنها لم تسقط على رؤوس من كان سيسوقه القدر للعيش فيها، ولكنك لا تلبث أن تتساءل كيف يحدث مثل هذا الأمر في المقام الأول؟.
نحن نعرف أن الهندسة والعمارة وأعمال البناء تقوم على معادلات رياضية عن الأحمال والمواد والمساحات وغير ذلك من العناصر التي لا تخضع للعشوائية. ونعلم أن أي خطأ، حتى لو كان صغيراً، قد يقود إلى كوارث كبيرة وإلى وفيات وخسائر بشرية ومادية فادحة؛ وبالتالي فأنه ليس من المسموح به ترك هامش خطأ ولو بنسبة صغيرة للغاية!.. ومع ذلك تقع مثل هذه الأخطاء وتتكرر ويقع ضحية لها أناس أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل، ولا يعرفون شيئاً عن أصول وقواعد الهندسة والعمارة لكي يتحاشوا السكنى في بنايات معرضة للسقوط.
وقد نشرت الصحف مؤخراً صورة لعمارة منهارة في مدينة الرياض بينما كانت تحت الإنشاء مما يذكرنا بالحوادث المأساوية المشابهة التي تكررت كثيراً في بعض المدن المصرية والتي كانت تقع في الغالب بسبب مخالفات في قواعد البناء أو في نوعية ونسب المواد المستخدمة في البناء أو حتى في قصور خبرة وعلم من يتولى الإشراف على البناء.
ويرى مهندسون أن الكثير من البنايات السكنية وغير السكنية في مدننا وقرانا السعودية ربما تكون آيلة للسقوط حتى وهي تبدو ظاهرياً في حالة جيدة! والمزعج أن بعض هذه البنايات ليست قديمة، بل جديدة لم يمض على بنائها سوى مدة قصيرة!.. فكيف يحدث ذلك وأين هي العيون الرقيبة في الأجهزة الحكومية ذات العلاقة التي كان عليها أن تحول دون حدوث هذا الخلل القاتل؟.
هل يتعيّن على كل من يريد استئجار شقة في عمارة أن يطلب شهادة من جهة مختصة تؤكد صلاحية المبنى للسكنى في حين أن المستأجرين يعانون الأمرين في بحثهم عن شقق للإيجار بتكلفة معقولة تتناسب مع ميزانياتهم المحدودة والمثقلة بالأعباء المعيشية الأخرى الكثيرة؟.. لا يمكن بالطبع أن نتوقع مثل هذا.
أرجو أن لا ننتظر طويلاً في معالجتنا وتصدينا لهذه المشكلة باعتبارها لم تصبح -ولله الحمد- ظاهرة مثلما هي الحال في بعض الدول العربية ودول العالم الثالث، فنحن لو انتظرنا حتى تصبح ظاهرة نكون قد تأخرنا كثيراً وتكون الخسارة أفدح وأقسى، وهي خسارة في النفوس والأرواح قبل المال.
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر