لا أحد يشك في أن ملاعب كرة القدم لدينا، تم تصميمها بأنظمة قديمة، بعيدة كل البعد عن تحقيق متعة مشاهدة مباراة كما في الملاعب العالمية، وذلك لأن معظمها نُفذت قبل سنوات بعيدة، حينما كان مضمار الجري أحد مكونات الملعب الأساسية، مما يجعل المدرجات بعيدة كل البعد عن الملعب، على عكس ملاعب العالم التي يشعر فيها المتفرج بأنه جزء من اللعبة، حتى أصبح حضور مباراة هناك لا يختلف عن حضور مسرحية أو أمسية موسيقية أو ما شابه ذلك، فالمتفرج يسمع أصوات اللاعبين وركلهم الكرة، بل قد يسمع لهاثهم وهم يجرون!
بعيداً عن كل ذلك، جميعنا نعرف أننا نفاخر بأن في بلادنا درة الملاعب، ملعب الملك فهد، دون أن نشعر بالآخرين يتجاوزوننا، وأن تصاميم الملاعب وسعتها الجماهيرية تفوَّقت علينا حتى من أقرب الدول، واكتشفنا أن سعة ملاعبنا الأخرى ضعيفة، مقارنة بالجيران، فكان القرار أن نستفيد من هذه الملاعب، ونسعى إلى تجديدها بزيادة سعتها الاستيعابية، ليتم رفع سعة ملعب عبدالله الفيصل بجدة من 18 ألف مقعد إلى 32 ألف مقعد بقيمة إجمالية قدرها تسعون مليون ريال.
وبعدما انطلق العمل على بركة الله، حدث سقوط جزء من مظلة المدرجات، وأحدث سقوطها دوياً كبيراً، لفت انتباه الأحياء المجاورة، ثم أخبرونا بأنه حادث عرضي، يحدث في كثير من المشاريع، وانتهى الأمر، وتم التأكيد بأن الملعب سيتم تسليمه في موعده، بينما شباب الوطن ينتظرون إنجاز الملعب للموسم المقبل، لكن حدث أمر آخر، نشرته صحيفة عكاظ، يقول بأن هناك خلافاً مالياً بين وزارة المالية والرئاسة العامة لرعاية الشباب، تسبب في تعطيل المشروع، حيث إن عدداً من الجهات تتقدّمها وزارتا المالية والكهرباء والدفاع المدني رفضت التعاون مع رعاية الشباب، بعدما تقدّمت الأخيرة بطلب سداد المستخلصات المالية البالغة 180 مليون ريال إضافية على قيمة العقد الأساسي، ولعل الدهشة هي كيف تكون قيمة الأعمال الإضافية تعادل ضعف قيمة العقد الأساسية التي لا تتجاوز تسعين مليوناً.
ولعل تبرير هذا المبلغ الإضافي الضخم المطلوب، كان بسبب عدم كفاءة البنية الأساسية، والسؤال: كيف يتم قبول تنفيذ التوسعة دون حساب التكاليف بشكل جيد؟
هل في هذا المثال صورة حيَّة لتعطّل معظم مشاريعنا؟ أليس في معظم العقود بند ينص على أنه يجب ألا تتجاوز الأعمال الإضافية ما يعادل 20% من قيمة العقد الإجمالي؟ أو نسبة ما محددة؟ هل يعقل أن تكون نسبة الأعمال الإضافية ما يقارب 200% من قيمة العقد؟ أي ضعفي العقد الأساسي؟
إذا أردنا أن نتطوّر على كافة مستويات التنمية، يجب أن تكون هناك رقابة جيدة على كافة مشروعاتنا، ليس على مستوى التنفيذ ومدته فحسب، بل حتى على كافة التفاصيل في العقد، وأن تتم مراجعة ذلك باستمرار، وأن يتم التسليم في الوقت المحدد، وبالمواصفات المحددة، وأن تتم تجربة المشروع أولاً، ولا يتم إتاحته لعشاق الكرة من المواطنين إلا بعد التشغيل التجريبي، منعاً لحدوث أي كوارث محتملة لا سمح الله.