لم يعد في استطاعة أحد أن ينكر أن النظام السوري يستهدف المدنيين بالدرجة الأولى، وأن ضحاياه مدنيون عاجزون عن القتال؛ من أجل القضاء على الوجود الإنساني، إضافة إلى تدمير البنية التحتية، والقضاء على أسباب الحياة، والطبيعة؛ لتندرج تلك العمليات الإرهابية، وفق عملية ممنهجة في القضاء على الأهداف المدنية، والتراثية الإنسانية، وكأن الشعب السوري رُمي في أتونها، التي تزداد اشتعالاً - يوماً بعد آخر - مع ازدياد القمع، والتنكيل.
شمولية الوصف التي ينتهجها النظام السوري من استخدام القنابل العنقودية، والفسفورية، والحرارية، والذخائر الكيماوية، هي جزء من صورة بشعة للقصف الهمجي، الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبه، والعمل على إيقاع أكبر قدر ممكن من القتلى المدنيين؛ ليقدمهم على مذابح الحرية، والكرامة، والإمعان في تدمير حياة الناس، وممتلكاتهم. فجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، أصبحا واقعاً يومياً في سوريا، يندى لها جبين الإنسانية، وكل ذلك يحدث تحت سمع العالم وبصره؛ بعد أن وقع الملف السوري في الجانب الخاطئ من التاريخ في إيجاد حلول للأزمة، والتي كان من آخرها: ضحايا مجزرة الغوطة الشرقية؛ ليصل عدد الضحايا إلى أكثر من 3000 قتيل جراء القصف بالغازات السامة، غالبية ضحاياه من الأطفال والنساء.
منذ بداية الأزمة، والسعودية حملت - بكل صراحة - المسؤولية التاريخية لما يجري الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، والتي أراد بعض أعضائها الاقتيات على دماء الشعب السوري، وفتح المخارج لمجرمي النظام؛ كي يتنصلوا من المسؤولية الجنائية، وتتبع أسلوب الخطاب السياسي المزدوج فيما يتعلق بالأزمة السورية. ولذا، فقد حذرت السعودية مراراً وتكراراً المجتمع الدولي من حجم المآسي، والمجازر الشنيعة، التي يرتكبها نظام سوريا ضد شعبه، وأبناء جلدته، وحذرت من أن استمرار التخاذل في هذا المنحى، والذي من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من هذه المآسي.
في تقديري، أن الصورة المأساوية اكتملت بالدرجة التي لم يعد أن تُحتمل، واتضحت رؤية مسار الصراع، وحساسية ارتباطاتها الإقليمية، وفق التوازنات القائمة طبقاً للمصالح الدولية. وعلى رغم المخاوف من استمرار الأوضاع الإنسانية، دون إيجاد الحلول؛ بسبب عدم القدرة على نقل الموقف الدولي من دور المتفرج إلى دور فاعل، فإن البديل المصحح لمسار الأوضاع، يتمثل في مطالبة السعودية مجلس الأمن بعقد اجتماع فوري بشأن سوريا؛ للخروج بقرار واضح رادع، يضع حداً للمأساة الإنسانية في هذا البلد، وأن يضطلع بمسؤولياته، ويتجاوز الخلافات بين أعضائه، ويستعيد ثقة المجتمع الدولي به.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية