وأنا أتجول في عدد من الولايات المتحدة الأمريكية كانت الرياض تتراءى كنجمة الصباح تارة فوق تلال القمح في كنساس وتارة أخرى مزهرة كحقول دنفر في كولارادو، أو رقراقة كبحيرات هيوستن، تتراءى في رذاذ الماء المتناثر من شلالات نياجرا، الرياض.. الرياض التي أنتشي بذاكرتي المزدحمة بها فأتوق لمعانقتها، كل الحياة والحب لك بوصلة القلب.
سأعرض هنا مقارنة بسيطة استوقفتني طويلا مع بعض المشاهد التي أثارت بي عدداً من التساؤلات والأماني أن تكون أمراً مألوفا لدينا في الوطن العربي.
في الولايات المتحدة الأمريكية وفي معظم فنادقها ترى عجلة الحياة تسرع بدأب وجد، والموظفين يقومون بوظائفهم على أكمل وجه، يعملون بجد لكسب عيشهم، في بعض الفنادق ذات خمس نجوم وتكثر في ولايات عدة؛ ترى الموظف يقوم بالحجوزات والرد على استفسارات طابور كامل من الزبائن يصطف أمامه بنظام، ثم يقوم بتنظيف المكان والمشاركة في إعداد مكان تناول وجبة الإفطار التي تعد وجبة رئيسة ومبكرة في أمريكا، ثم ينقل البعض حقائب الزبائن إلى غرفهم، ويطلب التاكسي للبعض، ويعمل مرشداً سياحياً أيضاً ليدل الزائرين على أبرز الأماكن التي يمكن أن يقصدها، كل ذلك برحابة صدر وجد إيماناً منه بأن هذه هي سنة العمل ونهجه، وما أن تأتي العطلة الأسبوعية حتى يستغلها مع عائلته شاعراً بأهميتها متخلصاً من أعباء الأيام الماضية.
الأسواق التي تعرض سلعها بطرق مشوقة تمكنك من تبديل أو استرجاع القطعة بعد ثلاثين يوما، والمطاعم تشوقك لوجبات طازجة ونظيفة بحيث لا يمكنك إبداء أقل ملاحظة أو تذمر.
والحدائق التي كنت محظوظة بزيارتها مع بعض الأصدقاء والتي تسمى (بارك) توفر المقاعد والأماكن الظليلة لزوارها ومواقد الفحم المجهزة وألعاب الأطفال، كما تدور في المكان عربة البوليس الذي يطمئن لأمن المنطقة وسلامة الزائرين ومغادرتهم قبل غروب الشمس.
وأما بنعمة ربك فحدّث وما لمسته وشاهدته بنفسي بعض النعم والميزات التي يشارك الإنسان بصنعها وأردت أن أشركك عزيزي القارئ به.
لقد أحببت المجتمع الأمريكي ومعاملته الراقية وتسامحه وابتسامة الكثيرين التي تلقاها على وجوه الأكثرية فتبدأ بها صباحك، كما احترامه للقوانين والأنظمة.
معظم الشعب الأمريكي لا يغرق نفسه في السياسة وشؤونها بل يكتفي بأموره الحياتية وقيمة الضرائب المفروضة عليه ولقمة عيشه وتأمين قيمة التأمين الصحي الذي يتلقى عن جميع ما ذكرته خدمة مميزة تؤمن له حياة كريمة بالرغم من عدد لا بأس به يعيش في الطرقات وعلى الأرصفة مما يجعلني أتساءل كثيراً عن عدم إيجاد الحل الملائم من دولة كبيرة كأمريكا لهؤلاء (بدون المنازل) الذين يشوهون منظر المدن الجميلة.
الشعب الأمريكي الذي لا يتعاطى السياسة ويكتفي بأحوال الطقس وأخباره المحلية على الأغلب هو شعب تواق لمعرفة الآخر الزائر وإجادة فن التعايش والحوار معه مما يجعلك سعيدا وأنت معه.
عزيزي القارئ كل عام وأنت بألف خير.. حبيبتي الرياض لك نكهة الورد الذي بذرته في ذاكرتي وشوق الروح التي لم تفارقك، وزئير الصحراء الذي لا يبرح نوافذ الشوق كلما قرع عليها مستنجدا بالذاكرة.
mysoonabubaker@yahoo.com