الجزيرة - علياء الناجي:
كشف الباحث الدكتور علي القحطاني (استشاري الآلام المزمنة وطب العظام غير الجراحي) عن فجوات وصفها بـ (الكثيرة والخطيرة) في الممارسات الطبية في المملكة في أمراض الآلام المزمنة ومشاكل العظام والمفاصل، إضافة لإجراء الكثير من العمليات الجراحية التي لا داعي لها، وفرط وصف المسكنات المضادة للالتهاب.
وشدد القحطاني عبر (الجزيرة) على أن فرط وصف المسكنات المضادة للالتهاب وإجراء العمليات الجراحية، يزيدان من فرصة الإصابة بالجلطات القلبية والدماغية واعتلال وظائف الكلى وضعف الجهاز المناعي المبطن للجهاز الهضمي العلوي والسفلي، بالإضافة إلى ضعف خدمات العلاج الطبيعي والتأهيلي.
واستطرد الدكتور القحطاني: لقد تم التنبه والتعرف على هذه الفجوات في الدول المتقدمة خلال العشرين سنة المنصرمة بعد أن تفاقمت معاناة المجتمعات الأمريكية والأوروبية، بسبب ضعف تخصص الألم المزمن وطب العظام غير الجراحي، وقد تبنى الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون إعلاناً من البيت الأبيض ينص على أن العقد الذي بدأ شهر يناير عام 2001 يجب أن يكون عقد أبحاث وعلاج الآلام.
كما أعلنت منظمة الصحة العالمية والجمعية العالمية لدراسة الألم في تقريرهما الصادر عام 2004م أن عدم معالجة مرضى الآلام بالشكل الذي يرفع المعاناة عنهم هو خرق لحقوق الإنسان، وقد ترتب على ذلك الكثير من الجهود على مستوى البحث العلمي والتعليم الطبي والممارسات الطبية، حيث بدأت المراكز المتخصصة في العلاج الشمولي للآلام المزمنة في الانتشار بشكل متسارع (على مستوى المجتمع) وتوصلت الأبحاث العلمية إلى فهم أعمق وأشمل للآلام المزمنة وتأثيراتها.
وقد أثبتت الدراسات جدوى هذه المراكز في علاج الألم والقصور الوظيفي الجسدي والنفسي والاجتماعي المصاحب.
وقد أوضح الدكتور القحطاني أن الألم المزمن يأتي في طليعة المشاكل الصحية على مستوى العالم، مشيراً إلى أن الألم المزمن مرض مزمن بحد ذاته، ولا يُشكّل الإحساس بالألم إلا أحد أعراضه، ويُشكّل الألم المزمن خللاً في بناء ووظائف خلايا الجهاز العصبي الطرفي والمركزي من ناحية، وخللاً مشابهاً في خلايا الجهاز الحركي المصاب أو الملتهب بشكل مزمن.
ويشمل خلل أعصاب الدماغ مناطق تمرير وتفسير الألم ومناطق التحكم في النشاط والهمة والتركيز والذاكرة والنوم والعواطف والعضلات والغدد الصم.. وقد يؤثر الألم المستمر على معظم أجهزة الجسم من خلال التأثير على الدماغ.
وقد أكد الدكتور القحطاني أنه ومن خلال رحلته العلمية والعملية والبحثية في مجال الأمراض المزمنة ثم الآلام المزمنة والعظام، قد تمكن من التعرف عن قرب على مواطن القصور والخلل في التعليم الطبي والبحث العلمي والممارسات والتشريعات الطبية سواء في كندا أو المملكة.
وقد شملت الدراسة التدريبية والنظرية أسلوب مدرسة الطب الغربي الحديث والطب التكميلي.
وقد أكد القحطاني أن الطب التكميلي لا يقل جدوى عن الطب الغربي التقليدي بل إن كثيراً من الخيارات العلاجية البديلة قد تتفوق على الخيارات التقليدية في كثير من حالات الألم المزمن والأمراض المزمنة، وذلك لملاءمتها لطبيعة وأبعاد المشاكل المزمنة.
كما أبان الدكتور القحطاني من خلال ممارسة تخصصه في المملكة ومن خلال بناء قاعدة معلوماتية عن معالجة المرضى توصله إلى إطار لبرنامج شمولي لعلاج الآلام المزمنة والأمراض المزمنة أسماه برنامج «أمانتي» وترمز الأحرف في الكلمة إلى، أ: الأعشاب الطبية، م: المكملات الغذائية المقننة، أ: الأدوية التقليدية المشيدة، ن: العلاج النفسي الجسدي، ت: العلاج الترميمي (بحقن محلول الدكستروز، أو الصفائح الدموية أو الخلايا الجذعية المأخوذة من نخاع عظم نفس المريض)، ي: العلاج اليدوي والتأهيلي.
ويتفاوت عدد ونوع الخيارات العلاجية في هذا البرنامج بحسب الحالة.. وأوضح أنه لم يتسن له استعمال الخلايا الجذعية الذاتية أو الصفائح بعد.
وذكر القحطاني ومن خلال الملاحظة ومتابعة حالات المرضى أن نتائج العلاج بهذا البرنامج كانت متميزة بحيث ساعد على الحد من العمليات الجراحية غير الضرورية وأضرار المسكنات وزاد من فرصة الشفاء من الألم المزمن وتأثيراته التي تشمل التوتر المزمن واضطراب النوم والإرهاق المزمن وضعف الذاكرة الناشئ عن التوتر وضعف العضلات وتدني القدرة على القيام بالمهام اليومية وغير ذلك.
وأوضح: شملت المشاكل المعالجة آلام الظهر والركبة والمفاصل والعضلات والقدم وآلام الأعصاب والصداع والآلام الداخلية والآلام الناتجة عن مضاعفات العمليات الجراحية والإصابات والآلام الرياضية.