ليس مهماً أن تمتلك مدرسة كروية هدفها تطوير البراعم الصغار بقدر ما هو مهم أن تمتلك كفاءات ذهبية من شأنها صقل وتحسين وتطوير إمكانات المواهب الصغيرة، وتحويل ما يسمى الأكاديمية لمنجم من الذهب يستفيد منه النادي بالصورة التي تتناسب مع خططه واستراتيجياته.
- قد تختلف الخطط المرسومة والأهداف المطلوب تحقيقها من ناد إلى آخر حسب الإمكانات المتوافرة والوضع العام للنادي. فالأندية الفقيرة مثلاً بإمكانها اتباع سياسة بيع المواهب الصغيرة التي تنتجها المدارس الكروية والاستفادة من الإيرادات المالية في عملية تسيير الأمور الإدارية، أما الأندية الغنية فتتبع استراتيجية المحافظة على مخرجاتها بهدف دعم صفوف فرقها السنية، ومن ثم الارتقاء بهم للفريق الأول.
- يبرز لنا في عالم المدارس الكروية والكفاءات التي تشرف على تحقيق نجاحاتها أكاديمية ساوثامبتون الإنجليزية التي فقدت خبيرها الذهبي السيد ماثيو كروكر الذي عمل على مدى السنوات السبع الماضية وأشرف على اكتشاف مواهب مثل جاريث بيل (نجم نادي توتنهام والمطلوب في ريال مدريد)، ثيو والكوت وأليكس تشامبيرلين (نجمي المنتخب الإنجليزي ونادي أرسنال)، لوك شو (الذي نجح ساوثامبتون في الاحتفاظ به وتوقيع عقد معه يمتد لخمس سنوات).
- نجح الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في خطف المشرف الذهبي السيد كروكر من أكاديمية ساوثامبتون وتعيينه في منصب المسؤول عن ملف تطور اللاعبين والمدربين في الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم. وقال رئيس ساوثامبتون نيكولا كورتيز في بيان رسمي : «اننا نشعر بالحزن لفقدان عضو من الموظفين الموهوبين، لكنه من الشرف رؤية موظف من ساوثامبتون معترف به من قبل الاتحاد الإنجليزي. نحن من الأندية التي تمتلك أفضل الأكاديميات لإنتاج اللاعبين للفرق الوطنية الإنجليزية».
- عم الحزن أجواء النادي الإنجليزي خاصة بين مسيريه لفقدانهم عنصر ذهبي كان سبباً رئيسياً في استفادة النادي من خلال اكتشاف العديد من المواهب الكروية، وسيعمل مسيرو النادي بكل تأكيد على البحث عن بدائل أخرى مميزة من شأنها الحفاظ على جودة تطوير وتحسين وصقل المواهب الصغيرة في الأكاديمية.
- العديد من الأندية تمتلك المدارس الكروية التي تهتم بالإشراف على البراعم والمواهب الصغيرة (التي يخصص لها مسيرو النادي جزءاً من الميزانية المالية) دون تحقيق أي فوائد تذكر تنعكس على مستقبل النادي، والسبب يعود الى أن تلك الأندية لم تعين الموظفين الأكفاء الذين من شأنهم العمل بجد واجتهاد لتحقيق الفائدة المرجوة.
- بل إن بعض العاملين في أكاديميات (ومدارس) كرة القدم لا يمتلكون ما يقدمونه للمواهب الصغيرة حيث إن فاقد الشيء لا يعطيه، وليس ذلك فحسب بل إن العديد من إدارات الأندية لا تهتم إطلاقاً ولا تدقق فيما إذا كان لديها خبراء موهوبين يشرفون على النشء الصغير.
- تهتم الأندية الأوروبية العريقة وأندية أمريكا الجنوبية بالمدارس الكروية التي تهدف لصقل مواهب النشء الصغير بطرق وأساليب احترافية حيث تمتلك كفاءات عالية تشرف بشكل مباشر على تعليم أساسيات ومبادئ لعب كرة القدم (من تسلُّم وتسليم الكرة مثلاً، والتحرك بدون كرة) ومن ثم تقوم تلك الكفاءات بتطوير إمكانات النشء من النواحي البدنية اللياقية والفنية والعمل على تحسين طرق التحكم بالكرة وزيادة سرعة الجري وقوة التسديد، ومن ثم القيام بتحديد مراكز اللاعبين (مدافع - وسط - مهاجم) وتعليمهم كيفية أداء أدوارهم في مراكزهم بشكل يقلل من أخطائهم حتى يرتقوا ليصلوا للمستويات الاحترافية المطلوبة وفي سن مبكرة تمكنهم من اللعب والاحتراف محلياً أو خارجياً مع بلوغ سن الثامنة عشرة، وهو ما ينعكس إيجاباً على مستقبل تلك الأندية والمنتخبات التي تتغذى على إنتاجها.