لا أعرف ما هو سر النظرة السائدة لدينا، بأن صندوق الشكاوى أو المقترحات الموجود في معظم الإدارات الخدمية هو لمجرد الزينة فقط، فرغم تطور وسائل التواصل والاتصال ووجود مواقع إلكترونية وإيميلات رسمية وحسابات شخصية لكل مسؤولي الجهات تقريباً، بقي هذا الصندوق صامداً في وجه التقنية والتطور!
قديماً كان ينظر إليه بأنه عين الرقيب على الموظف، بل إن وجوده يوحي للمراجع بالأمان والثقة بأن صوته مسموع عند أي شكوى أو قصور في الخدمة، حتى أصبح عذراً لعدم مقابلة المسؤول للمراجع حينما يُقال له هناك صندوق للشكاوى والمقترحات يمكنك الكتابة من خلاله، هنا تشعر أن مفتاح الصندوق مع المدير، بينما معظم التجارب توحي بأن المفتاح بيد موظف (الخدمة الأمامية)، وهو ما يجعلنا نعود للمربع رقم واحد، ليتراجع من يريد أن يتقدَّم بشكوى أو مقترح!
السؤال: هل من حق المراجع أن يتجاوز هذا الصندوق ليبدي مقترحاً لتطوير العمل في إدارة ما؟! من البديهي أن المراجع هو الأقدر على كشف نقاط الضعف في الإجراءات، ومن الذكاء الاستعانة بأصحاب الحاجة والخبرة والممارسة من المراجعين في قياس مدى الرضا والقبول عن الخدمة المقدمة، إلا أن الواقع مختلف تماماً، فالعديد من العقليات الإدارية ترفض مثل هذا التوجه، وترى أنه من العيب أن يتم الاستعانة بصوت المراجع ومقترحاته، بل إنه قد يصل إلى حد الجرم على طريقة (حنا أبخص، تعلّمنا شغلنا، النظام والتعليمات..) إلخ من مصطلحات التحطيم العقيمة!
التجديد والتبسيط في الإجراءات تبعاً لمطالب الجمهور، وسماع صوتهم ومقترحاتهم، والاستعانة بهم لمعرفة مدى الرضا قبل أي خطوة تطويرية، هو ما يفرق الإداري الناجح من الإداري المتسلِّط!
النظام وضع لخدمة الناس وضبط مصالحهم، ويمكن أن يطور وفق حاجاتهم متى ما كان المسؤول صادقاً مع نفسه أولاً، ومستعداً لسماع صوت الآخرين ثانياً، ومعترفاً بأنهم أصحاب المقترح أو التطوير ثالثاً!
تذكّر معي آخر مرة سمعت فيها أنه تم تغيير إجراءات وخطوات إنهاء معاملة في إدارة ما، بسبب مقترحات المراجعين، وليس نتيجة لنظرة المدير الثاقبة والحاذقة لفهم مصالح المواطنين!
لا مانع لدينا أن يبقى صندوق الشكاوى والمقترحات صامداً في كل الإدارات، ولكن الأهم أن يبقى مفتاحه بيد المدير شخصياً، ليصل صوتنا ويستفيد منه، وليس مجرد تحليلة قسم!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.netfj.sa@hotmail.com