تذكرت ما تعلنه المملكة في كل عام من تحذير للحجاج الغوغائيين و(رواد) المهايط السياسي والشــعارات الكاذبــة الذين يسعون إلى إفساد الحج بانحرافات السياسة وخلافاتها ! حيث تمنعهم وتتخذ في سبيل ذلك الكثير من الاحتياطات بهدف الإبقاء على نقاء وروحانية الحج من عبث من يريدون تخريب وإفساد هذه الشعيرة ساعين إلى تحويل المشعر الحرام إلى ميدان لترديد الشعارات السياسية التي لا تتسق مع روح العبادة، وليست من مناسك الحج!! تذكرت ذلك، وأنا أقرأ ما حدث في خطبتي الجمعة في مسجدين في جدة والرياض، فقد كانت تجربة مصغرة لما يمكن أن يحدث في الحج لو أن عقلاء المسلمين تركوا للجهال وأصحاب النوايا السيئة لينفثوا سموم السياسة في جسم العبادة الطاهر! فقد تلاسن المصلون واشتبكوا بعد أن حظرت السياسة في خطبة الجمعة، الخطبة التي يفترض أن تسودها الطمأنينة والخشوع والروحانية لم تعدكذلك، فالسياسة وخلافاتها عندما تدخل من النافذة ستخرج كل الروحانيات الجميلة من الباب ! لقد ارتكب بعض المصلين بعض الأعمال المنافية لما يمكن أن يكون عليه المسلم في صلاة الجمعة فقد دفعهم الحماس واستسلامهم للعاطفة والهوى الدنيوي والانتصار للذات وللحزب والجماعة فأفسد ذلك عليهم عبادتهم وأغضبوا من جاؤوا يطلبون رضاه ومغفرته فتحولت الحسنات إلى سيئات بعد عراك وتلاسن لا يليق! بعض الخطباء يأخذهم الحماس فيتعرضون بشكل مباشر لمشكلة في بلد عربي أو إسلامي وما أكثرها هذه الأيام، وهي فتن تختلف فيها حتى آراء علماء الدين، فالخطيب في أحد جوامع مدينة الرياض دعا على وزير الدفاع المصري الفريق عبد الفتاح السيسي مما أثار حفيظة مؤيديه فحدث صراع بينهم وبين معارضيه!! فحل الهرج والمرج بين المصلين وتحولت هذه المناسبة الدينية الأسبوعية إلى فوضى بالكاد تم السيطرة عليها وعودة الهدوء إلى أروقة المسجد، وزارة الشؤون الإسلامية حذرت الخطباء ودعتهم إلى الابتعاد عن السياسة ولعلها لا تتهاون في هذا الأمر فهذا مطلب مهم خاصة مع كثرة الفتن وجرأة بعض المصلين، كما سمعنا على إثارة الفوضى ومقاطعة الخطيب ! لكن الجمعة بحسب رأي يجب أن تبقى قريبة من أوضاع المسلمين ومشكلاتهم ولا تبتعد عن الواقع لتهرب إلى صفحات التاريخ كما يفعل بعض الخطباء! لكن بدون التعرض لأشخاص أو دول أو مناقشة الخلافات الإسلامية المستعصية.. وعلى الخطيب أن يحرص في خطبته على ما يجمع الأمة لا على ما يفرقها، لأنهليس بالضرورة أن ما يراه الخطيب صوابا في شأن دنيوي يراه الآخرون كذلك!
alhoshanei@hotmail.com