بالرغم من أنّ قرار الرئيس الأمريكي أوباما بتوجيه كرة اتخاذ قرار توجيه ضربة عسكرية لنظام بشار الأسد إلى الكونغرس الأمريكي، بقوله إنه ينتظر تفويض ممثلي الشعب الأمريكي لخوض حرب خارجية، يُعَدُّ قراراً أمريكياً بالتراجع، إلاّ أنّ المراقبين السياسيين، يرون في ذلك نوعاً من الحرب النفسية ضد نظام دمشق وحلفائها الروس والإيرانيين والمليشيات الطائفية، فقرار الرئيس أوباما لا يعني إلغاء الضربة العسكرية، بل تأجيلها والتلاعب بأعصاب نظام بشار الأسد وحلفائه، وأنّ الرئيس أوباما سيحصل على تفويض من الكونغرس الأمريكي، وربما أبعد مما يريده، فالجمهوريون الذين يملكون الأكثرية في الكونغرس، يطالبون بأبعد من القيام بضربة عسكرية، إلى الإطاحة بنظام بشار الأسد، وكون الكونغرس في عطلة رسمية وأنه لن يعود للاجتماع إلاّ في التاسع من هذا الشهر، فإنّ الأسبوع القادم سيكون فترة طويلة نسبياً، تتيح لكلا الطرفين فرصة لتحسين وضعه السياسي والعسكري والدولي، فبالنسبة لأمريكا ستواصل دبلوماسيّتها حشد المؤيدين للعمل العسكري، وبالإضافة إلى فرنسا التي أعلنت بأنها تنتظر القرار الأمريكي، فإنّ هناك عدداً من الدول الغربية والعربية، التي تدعم العمل الأمريكي، ستحسم أمرها في هذه الفترة، وتستكمل الإجراءات الدستورية، كما أنّ الحشد العسكري سواءً في المجال البحري أو الجوي، سيشهد تدعيماً لبناء قوة عسكرية كفيلة بحسم المعركة، خاصة إذا ما حدثت تطوّرات وخروج عمّا هو مرسوم له من ضربات عسكرية محدودة.
أما بالنسبة للنظام السوري وحلفائه، فسوف يستغل النظام هذا الأسبوع لإعادة نشر قواته، وإخفائها مع معدّاتها، وتخزينها في المدارس والجامعات وحتى المستشفيات، وهو أسلوب لجأت إليه كثير من الأنظمة الشمولية، عندما تُحاصر من قوى دولية قادرة على دحرها. وستكون هذه التحركات وإعادة نشر القوات النظامية السورية مراقبة بدقّة، سواءً عبر الأقمار الصناعية أو طائرات التجسُّس، وحتى من العملاء داخل القطر السوري.
دبلوماسياً ستنشط روسيا في محاولات حثيثة للضغط على أوباما للتراجع عن العمل العسكري، وتعظيم الحل السياسي، بتقديم تنازلات من نظام بشار الأسد، وترجمة ذلك في اجتماعات «جنيف 2».
أما بالنسبة لإيران والمليشيات الطائفية، فإنّ كلَّ ما يمكن القيام به هو تحصين مواقعها والاختباء من صواريخ أمريكا وفرنسا، وهو ما ستقوم به مليشيات حسن نصر الله، ونظراؤها من المليشيات العراقية والحوثيين، مع سماع ادعاءات من إيران من الإعلاميين والمرتبطين بها في لبنان وغيرها من «تخوّف الإمبريالين» من قوّة إرادة وصلابة المقاومين والممانعين.
jaser@al-jazirah.com.sa