إن كان ثمة تحديات وصعوبات واجهت الفكر الإسلامي في بواكير الدعوة الإسلامية بعد انفتاحها على المجتمعات الأخرى وامتزاجها بمن يخالفها في الفكر والاعتقاد ,فإن ما يواجهه العالم الإسلامي اليوم لا يقل خطرا ولا أهمية عن ماواجهه في السابق، وايا كانت طبيعة هذه التحديات وحجمها والأدوات التي تستخدم في تحريكها ,فإنها تشكل في جملتها منطلقا لدعوات عديدة وتغيرات جديدة تمس جوهر العقيدة وتؤثر في الواقع المعاصر فكريا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
إن ما يشهده العصر الحاضر من تحولات وتغيرات سريعة مع حتمية مجاراتها يجعلنا نقف أمام أحد وأهم التساؤلات المصيرية.
ماذا يملك المسلمون من الاستعداد النفسي والعقلي في عصر الانفتاح على الآخر والتأثير المتبادل؟
لقد كان هدف الإسلام الأسمى إخراج الناس من الظلمات إلى النور فوجهه عناية الأولى للفكر والحفاظ عليه من الزيغ والضلال والانحراف, وفق منهجية اسلامية تنبثق من معطيات ومنطلقات تأسيسية في الجانب العقدي والعقلي مستمدة من منهج قرآني نبوي ,فدعا الى العلم وحض عليه ونبذ الجهل وأهله,كما دعا للنظر والتأمل والتدبر واعمال العقل في ذلك, ونهى عن الغلو والتطرف بإظهار وسطية الاسلام واعتداله واتزانه ,كما رسخ الانتماء له ونمى الشعور بالاستقلالية بنبذ التبعية والتقليد.
إن المسؤولية التربوية تملي علينا ونحن تحت تأثير التنوع الثقافي والتدفق الهائل للمعلومات اتخاذ كافة الوسائل والسبل لتحصين الفكر من كل تضليل انحرافي يستهدف في المقام الأول العقيدة والأخلاق.
ولن يكون ذلك الا بالالتفات الى كنوز السنة والمنهج الرباني في ذلك بإقامة الحجة والدليل والبرهان والعناية بالمفاهيم والمصطلحات وتحريرها وضبط المصطلحات الشرعية، وتنقيتها مما خالطها من المصطلحات المغلوطة والمشبوهة، والتصدي لكل دعوات الانفتاح غير المنضبط والسير وراء مصطلحات الغير، ونشر الوعي بأبرز التحديات ومعرفة الأفكار المنحرفة وتحصين النشء ضدها، فلا بد من تعريفهم بهذه الأفكار وأخطائها، مؤكدين في ذلك على دور الأسرة؛ لكونها المؤسسة التربوية الأولى من خلال عملية التنشئة الاجتماعية, والمسؤولة الأولى عن بث التوعية وتوفير الرقابة.
- أكاديمية بجامعة الأميرة نورة