لم يكن ذهول العالم الاقتصادي وهو يرى الصور الحقيقية التي تنشر عبر وسائل الإعلام عن السوق الدولي للتمور ببريدة بأمر مستغرب. وقد يكون مصدر الذهول سببان: الأول هو الحجم الهائل لهذا المنتج الإستراتيجي للأمن الغذائي. والثاني هو الاعتقاد الخاطئ لبعض الاقتصاديين الأجانب بأن اقتصادنا ما زال يرتكز على محطة لتصدير الوقود فقط. والحقيقة التي لا مراء فيها أنه لا يمكن لأي محلل اقتصادي منصف إلا أن يقف وقفة إعجاب وتقدير أمام هذا السوق والحجم الهائل والجودة النوعية من إنتاج هذه السلعة الإستراتيجية حتى أصبح هذا السوق يضم أكبر مهرجان للتمور في العالم. الأرقام والحقائق تشير إلى أن قيمة ما يعرض في السوق بشكل مباشر يزيد عن ملياري ريال في الموسم الواحد. ويرتاده رجال أعمال ومتسوقون من دول الخليج العربية والدول الأخرى المجاورة فضلا عن رجال الأعمال السعوديين من مختلف مناطق المملكة.
منذ سنوات عدة وأنا أحاول جاهدا التذكير بالقيمة الاقتصادية لهذا المنتج الوطني وكنت أدعو وبإلحاح إلى اتخاذ خطوات عملية لتعزيز القيمة المضافة للمنتج من خلال إقامة صناعات تحويلية من جانب، وطرحه على الساحة الاقتصادية العالمية وتسويقه كأحد أهم السلع الغذائية الإستراتيجية في السوق العالمي من جانب آخر.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلت على كافة الأصعدة والتي كان في مقدمتها الدعم اللا محدود من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- إلا أن الأمر في نظري يحتاج إلى جهد ومشروع وطني شامل يقوم على صياغة إستراتيجية اقتصادية تأخذ في الاعتبار تطوير الجوانب الزراعية والإنتاجية والتصنيعية والتسويقية والبحثية للمنتج والتأكيد على القيمة المضافة في إنتاجه. بقي أن أذكر بأنه على الرغم من أن سوق تمور القصيم في بريدة هو الأكبر إلا أن هناك أسواقا أخرى يعرض بها المنتج بكميات اقتصادية مثل سوق عنيزه والمدينة المنورة والإحساء والخرج وحائل وبيشه والمجمعة وغيرها. والاقتصاديون يعرفون أن لدينا ميزة نسبية وتنافسية وطنية في إنتاجه ويدركون معنى ذلك جيدا.
الشيء الذي يحسن التذكير به في هذا الصدد هو أن المنتج معروف لدى معظم الشعوب ومقدس لدى كافة إتباع الديانات السماوية لأنه ورد في كتبهم فضلا عن قناعتهم بالقيمة الغذائية له. أي أنه سلعة غذائية واقتصادية عالمية شأنه شأن البن والأرز وغيره.
وبالتالي فقد حان الوقت لوضعه على قائمة أولوياتنا الاقتصادية وأمننا الوطني لعدد من الأسباب لعل من أهمها:
1- الارتباط العضوي الذي يربطنا بهذا المنتج من النواحي الدينية والتراثية.
2- أنه يمثل مصدرا للأمن الغذائي الوطني.
3- فرصة لتنويع القاعدة الاقتصادية الوطنية.
4- قطاعا رئيسا لخلق فرص عمل جديدة.
وباختصار فإنني آمل أن تقوم كل من وزارات الزراعة والتجارة والاقتصاد بالإسراع في اتخاذ خطوات عملية مشتركة لتبني برنامج وطني وصياغة إستراتيجية وطنية لرعاية النخيل ومنتجاتها.
فهل إلى ذلك من سبيل وهل من مبادر؟؟
والله من وراء القصد،،،،
@falsultan11