هي في الحقيقة (دويلة) صغيرة، متواضعة، لا تخضع لمؤسسات الأمم المتحدة، ولا تشريعاتها، ولا قوانينها، ولا أنظمتها، من غير تمرد عليه، أو مناوأة لها، ولذلك لم تعان يوماً من الأيام من ازدواجية المعاملة، ولا الانحياز الممقوت (دويلة) لم تتطلع إلى عالم السياسة، ولم تحلم بالوصول للسلطة، أو اعتلاء سدة الحكم، ليس في قواميسها إرهاب، أو تكفير، أو تطهير عرقي، فهي بعيدة كل البعد عن الصراع وبؤره، اجتنبت أسبابه، فاجتنبها الآخرون، باحترام وتقدير وإجلال.
تجاوزت تخوم المكان دون جواز سفر دبلوماسي، ولم تستوقف، ولم تسائل، ولم تسجن (دويلة) لم تحتج إلى تحالفات، أو أجندة، لتنفيذ رؤيتها ومشروعها، لأنها تستمد الإلهام من قوة إلهية فوق القوى، وتدعو إلى الله على هدى وبصيرة.
) دويلة، ذات إمكانات محدودة جدا، يبلغ عدد السكان الموالين لها إحدى عشر مليون نسمة، تمنح الجنسية لأي إنسان من حيث هو إنسان. هذه الدويلة، هو الإنسان (عبد الرحمن السميط) (رحمه الله)، الحائز على جائزة الإنسانية العالمية، أو الموعود بها، في اليوم (الموعود)، رجل في أمة، وأمة في رجل، جادل بالتي هي أحسن في الحياة مع الناس، على اختلاف أطيافهم، ومللهم، ونحلهم، وكان الشعار والمنهج (لكم دينكم ولي دين). إن جاز لي إطلاق الألقاب، فهو صاحب السماحة، والمعالي، والفضيلة، والسعادة.. وإن كان لسان حاله يقول:
حبوتك ألقاب العلا فادعني باسمي
فلا تخفض الألقاب حراً ولا تسمي
) إن تعددت وسائل الدعاة، وخفيت بعض أهداف مشروعاتهم، فوسيلته، مداواة المرضى، وتضميد الجرحى، ومواساة الفقراء، وإطعام الجائعين، وإغاثة الملهوفين، إذن، نحن مع إنسان، لا كأي إنسان، فارس من فرسان العمل الخيري بلا، منازع، وطبيب من دهاقنة الطب، بلا منافس.
) هكذا هو الإنسان، ما أعظمه!! كبير، حين يكون سامي الأهداف، نبيل الغايات، عظيم الأخلاق، ثابت على مبدأ، نقي الوجدان، قوي العزائم، تقي العمل، مؤمناً بقيم المساواة بين البشر، يمقت العنصرية بأنواعها.
مؤمن كل الإيمان أن المشيئة الإلهية جعلت الناس أمماً مختلفة الأعراق والمذاهب، تتآلف وتتعارف، والتقوى مقياس التفاضل، منهم من هدى الله، ومنهم من حقت عليه الضلالة. وليس لأي إنسان من هذه المشيئة الإلهية، والحكمة الربانية شيء من التدبير. استوعب ذلك من البشر من استوعب، وجهلها من جهل، أو تجاهل.
) كثيرٌ من الناس يتزيّون بزي الداعية (عبد الرحمن السميط)، ويزعمون أنهم من المناصرين لمذهبه، لكنهم يختلفون معه بالأهداف، والوسائل، والغايات، والمقاصد. نعم نجد أن منهم من يجند من الأتباع ما يزيد عن (6) ملايين تابع، أو متابع، مجندون من خلال وسائط تقنية، تدار بالنور، وبالظلام، يختلط فيها من الفكر والأطروحات الغث والسمين، أكثرهم غثاءٌ كغثاء السيل .هم (كإبل مائة، لا تجد فيها راحلة)، وما كان لله يبقى، كثير من هؤلاء الأتباع الذين يعتد بهم البعض ويباهي، لم يتركوا باباً من أبواب الفوضى، واختلاق الأقاويل، والزور، والبهتان إلا وطرقوه، وولجوا من خلاله. من أجل ذلك بقي الأثر، وما يمكث في الأرض، وينفع الناس منهم قليل، بل هذه المزالق التي ارتكبت هي سبب من أسباب عثراتنا، ونكباتنا، وتفتيت وحدة أمتنا، وتهديد نسيج مجتمعنا.
) الإنسان (عبد الرحمن السميط)، لم يكن في يوم من الأيام، أو لم يعرف عنه انتماء لجماعة، أو خوض في مورثاتها الفكرية. لم يكن سببا من أسباب الفرقة بين الطوائف، ولا سبباً من أسباب إثارة الأحقاد والضغائن بين الحكومات والشعوب، ولا بين الحكومات والدول. لن يضيره، أو ينقص من قدره إنه لم يؤبن من بعض المنتمين لمذهبه ذلك التأبين الذي يؤبن به غيره من زعماء الجهاد، أو رؤساء الأحزاب والجماعات، حينما يموت، أو لنقل حينما يعتقل لأدنى سبب، نعم شيّعت جنازته أعظم تشييع في الكويت (مسقط رأسه)، لكنني لم أسمع، ولم أقرأ من شدّ الرحال من قطر إلى قطر، ليواسي فيه، أو يخطب عن مآثره وآثاره. فسلام عليه يولد، ويوم أن عاش بين زمرة الفقراء، سلامٌ عليه في مماته، وسلام عليه يوم بعث حياً، مباهياً بأعماله وأتباعه، إنها (الدويلة) التي أمست تتكلم، وهي في مرقدها، فلله ما أعطى ولله ما أخذ.
(من الأدب)
سخّر نشاط العلم في حقل الرخاء
يُصغْ من الذهب النضار ثراكا
ادفع به شرّ الحياة وبؤسها
وامسح بنعمى بؤسه بؤساكا
وإذا أردت العلم منحرفاً فما
أشقى الحياة به، وما أشقاكا!
dr_alawees@hotmail.com