إنّ ثمّة حالا من الإحباط والانكسار تخيّم على الإنسان العربي منذ أكثر من ثلاثين عاما وازدادت سوءا بعد أحداث ما يُسمّى بالربيع العربي الذي أطاح برؤساء معينين، ولم يستطع أن يطيح بالبنى التي خلقتهم وروّجت لهم إذ ظلت المؤسسات الحاكمة تسير على نفس الطريق الذي كان أولئك الرؤساء يعتبرونه الطريق الحريري نحو بحيرات الفساد والظلم والإكراه.
والحال العربي السائد الذي تتنفس ذرات غباره الوبائي الجماهير العربية حال لم يكن أكثرنا تشاؤما ليتنبأ به. وعندما تختل قطعة من موتور الحياة تبدأ تسير عرجاء ويكثر النهازون للفرص والمباغتون للمجتمع من أماكن غير متوقعة أو متوقعة - لا فرق- لينقضّوا طلبا للغنائم التي قد تكون بقايا أجساد أبنائهم. إن ناس هذا الجيل من الزمان هم من طينة تشك أنها طينة البشر. هنالك حالة (عامة) تغشى البشر هذه اللحظات التاريخية. ولم يعودوا يميزون بين التناقض وبين اختلاف وجهات النظر، بل إن القتل الذي هو الخطيئة الأولى لابن آدم الذي يعتبر أقسى جريمة مهما كانت دوافعه أصبح سلاحا يشهره المعارضون في وجوه الآخرين وكأن الآخرين قطيع من البط أو الإوز.
ليس في الوطن العربي أيّ شيءٍ يسركم!
إن الإنسان العربي مثل مبحر ضائع تعبت يداه من التجديف وتوقفتا ونام!
نهاية تليق بشقيّ، مصرّ، معاند!
لم يكن بإمكان أيّ إنسان يكره هذا الوطن العربي الأكبر!، لأنه كان منارات إبداع وقلوبا لا يدخلها الظن. ونفوسا مطمئنة. ولنتذكر تحرير (الجزائر) من استعمار فرنسا الجائر وكيف افتدى مليون مواطن - شهيد - أرض الوطن!، ولنتذكر حرب أكتوبر! ولنتذكر أن هذا الوطن العربي ليس مترفا بحيث يكون همه الرئيسي سياسات الأنظمة فهنالك مواطنون مشغولون بجلب الخبز والحليب لأولادهم وهنالك مواطنون سكورتية ينتظرون الأف ليتمددوا في غرفهم ويناموا بعد ليل حافل بالكلام وبالصمت وبالعابرين والمرضى وقاصدي الصرافات الآلية. ومع كل ذلك يظل هذا الوطن العربي مثل شوكة في حلق الطواغيت رغم آلتهم النووية. يقض مضجعهم فلا يكسبون حتى فضيلة الاعتراف. وحين يكون الزمن متوقفا بهذا الشكل. وحين يشعر الإنسان بأن الزمان قد: توقف!، الشيء الذي يمكنك قبوله من مريض (بالبارانويا) وليس يمكنك قبوله من إنسان عادي ولكنه يائس. واليأس مفتاح لقفلين معا. قفل العزلة والانسحاب والندم والوحشة وقفل التفكير الإيجابي وتقنية ترويض مشاعر القلق وقهرها.
ومع أننا في حالة كهذه مطالبون بالكفّ عن إلهاء الجماهير، بإقامة الليالي الثقافية وغناء الموتى من مطربي الحلم. كالذي قال (أيها السّاري إلى مسرى النبي/ ونجيّ الوطن المغتصب/ هل على الصحراء من أعلامنا/ مهبط الوحي ومهوى الكوكب؟).
hjarallah@yahoo.com - alhomaidjarallah@gmail.comحائل