هل تتخيل هذا العدو الزمني.. هذا التتابع المذهل للوقت والتحولات.. حسناً، سأحاول أن أنشط ذاكرتك، غدا يمر على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، 12 عاما بالتمام والكمال، 12 عاما منذ أن سقط برجا التجارة العالمي في ذلك المشهد الذي لن يغيب عن ذاكرة كل من عاصره، وهو يظهر على كل شاشات العالم، في بث شبه موحد وعالمي 2001م.
اثنا عشر عاما من الحروب والغزوات الأمريكية غير الموفقة أيضاً، كما سنوات من البرود الأمريكي والتردد أمام أحداث كبرى في الوطن العربي، هاهي القصة السورية بكل المأساة والكارثة التي تحملها تتصدر المشهد، بعد أن تجاوزت كل الخطوط الحمراء بشرياً وإنسانياً وعسكرياً، وبكل تصنيف أو توصيف يمكن لك أن تتخيله، وتردد أمريكي أو حسابات معقدة أكثر من اللازم تكاد أن تخذل من ينتظرون الموت كل يوم على يد نظام مارق على شعبه.
اثنا عشر عاما مرت على تلك الكارثة التي غيرت وجه العالم، وكشفت عن وجه للإرهاب والكراهية تتجاوز بشاعته الخيال، حجم التفجيرات في العراق ضربات الإرهاب والقاعدة والجهاديين في كل العالم العربي تقريباً، وفي كل بقعة تمكنوا من النفاذ إليها في أوروبا وآسيا وغيرها.
وقد تكون تقرأ المقال وأنت تفكر أين كانت في نفس الوقت في ذاك الزمن القريب البعيد؟، أو قد تكون المصادفة أنك في نفس المكان وعينه الآن، وقد تكون ممن لا يزال مشغولا بفكرة المؤامرة لذلك العمل الرهيب، لكن ذلك لم يعد مهما، فقد سجلت الحادثة رسميا ودوليا ضد جماعة القاعدة الإجرامية وأصبح التاريخ شاهدا متفقا عليه.
تتوقع رؤى متفائلة بالإدارة الأمريكية الحالية أن تتزامن الهجمات الأمريكية المنتظرة على سوريا مع ذكرى الحادي عشر من سبتمبر! وأن الرئيس الأمريكي سيحاول استثمار ذكرى الهجمات الإرهابية التي أزهقت أرواح الآلاف في إسكات الأصوات المتخوفة من نتائج الحرب على الأسد الذي بات يهدد المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة.
وأوباما ظل يؤكد خلال الأيام الفائتة للقادة إنه يجب محاسبة بشار الأسد على استخدام أسلحة كيميائية، لكنه طلب موافقة الكونغرس بمجلسيه على توجيه الضربة العسكرية.
رغم أنه سبق أن قال “إن استخدام السلاح المحرم دوليا يمثل تهديداً خطيراً على الأمن القومي في الولايات المتحدة والمنطقة”، مشدداً على أنه “لذلك تجب محاسبة الأسد وسوريا”.
وهو ما يخوله إعلان الحرب، بعد أن انتهك الأسد الأعراف الدولية واستخدم أسلحة كيميائية.
وجاء تحديد موعد اجتماع الكونغرس - أمس- الاثنين يوم 9 سبتمبر، لتحريك التوقعات، باعتباره اجتماع إشارة الانطلاق للهجمات، والهدف منه كسب تعاطف وتأييد الشارع الأمريكي مع خيارات الرئيس الذي نجح عبر قتل ابن لادن في تحقيق نصر كبير على الإرهاب..!
ومن هاجس ما بعد 9-11 وحرب العراق وأفغانستان، حسم أوباما مبكراً خياراته علانية “إنه لا نشر لقوات على الأرض، وسوريا ليست العراق وليست أفغانستان”، وبالتالي فإن المتوقع عرض صاروخي وجوي قصير -أيام- لكن عميق أيضا!
وإن كانت الإدارة الأمريكية التي قررت أن تقف عملياتها عند حدود الهجمات الخاطفة، إلا أنها مع الحلفاء ستدعم المعارضة إلى أن تأخذ دورا أكثر فاعلية في استثمار الضربة الأمريكية- الغربية لدعم موقفها على الأرض. ولا يستبعد أن تصل -الضربة- إلى بقايا جيوب القاعدة وشركائها ممن تسللوا لسوريا، وهو ما يعطي رمزية التوقيت أهمية جانبية.
الضربة الأمريكية المتوقعة تهدف ليس لإسقاط بشار بحسب رئيس الوزراء الفرنسي، ولكنها ستعيد التوازن على الأرض، وذلك لهدف إنجاح مؤتمر جنيف2 لإزاحة الأسد وإشراك قيادات من النظام الحالي في أي تفاوض مستقبلي مع المعارضة، وهو ما يقال إنه يلقى قبولاً روسياً ودعماً عربياً وتركياً.
لكن الأكيد ألا أحد يتوقع النتائج التي ستسفر عنها الضربة الأمريكية.. حين يبدأ العرض عبر شاشات العالم في بث موحد!
@AlsaramiNasser