من يتابع أوضاع القاعدة في سورية، يجد الخلاف بين قطبيها قد أخذ في الاتساع، وهذا يشير إلى أن حربًا داخلية قد تقع بعد سقوط الأسد، ما بين جبهة النصرة التي ترضخ تحت إمرة أبو محمد الجولاني، في حين يتضح انشقاق ما يسمى دولة العراق والشام عنها كون الجولاني تجاوز أمير القاعدة في العراق وأعلن المبايعة للظواهري مباشرة، ليعلن فرع القاعدة “العراقي” الانشقاق ويأتمر تحت لواء زعيمها أبو بكر البغدادي.
البعض يظن أن جبهة النصرة ودولة العراق والشام واحد، وهذا يأخذ جانب الصحة من حيث إنهم جميعًا يتبعون القاعدة، لكن ما يهمني توضيحه، وهذا ما تبيّن لي حقيقة بعد قراءتي للتغريدات والتقرير الذي كتبه الزميل فيصل العبد الكريم ونشره عبر تطبيق تويتر، ووجدت فيه كثيرا من الحقائق التي قد تغيب عن أي متابع للقاعدة في شكلها الخارجي، بما يحدث حالياً بعد الأحداث السورية وتمركز القاعدة هناك، فينبغي التوضيح بما يدور في الداخل. وهذا يهمني شخصيًا بسبب ما رأيت من دعوات صريحة لتجنيد الشباب للذهاب إلى الجهاد في سورية، وهؤلاء الشباب الثائر ضد الطغيان يخرجون إلى هناك جراء الألم الذي يعتصرهم مما يرونه من انتهاكات وجرائم يقوم بها النظام السوري ضد شعبه، لكن هؤلاء الشباب لا يعلمون أنه يتم استغلالهم دون أن يشعروا ليتم تجنيدهم ضمن طاقم دولة العراق والشام، التي لم ترفع رصاصة واحدة في وجه بشار الأسد وجيشه، بل إنها وبحسب المعلومات الواردة في تقرير الزميل فيصل العبد الكريم، تذهب إلى الأراضي التي حررها الجيش الحر وتفرض هيمنتها على هذه المناطق وعلى الأهالي المساكين وتُبعد أئمة المساجد وتضع التابعين لها، وتُحارب الجيش الحر إن حاول مقاومة نفوذها، الشباب المسكين المغيّب قد لا يعلم في حقيقة الأمر أن هذا الرصاص موجه ضد الجيش الحر، وهنا تكمن الخطورة من خلال استغلال الوضع الشائك في سورية، وعدم وجود تنظيم واضح ووسائل اتصال تربط بين كتائب الجيش الحر، والدليل أن دولة العراق والشام لم تعلن ولا مرة واحدة عن أي عملية ضد الأسد، بل هي تستغل بعض الفيديوهات المنشورة للعمليات التي قامت بها جبهة النصرة أو الجيش الحر وتنشرها على صفحاتها دون أي تعليق، لذا فمن الطبيعي أن المتابع العادي غير القادر على التمييز أن يعتقد أنها هي من قامت بهذه العمليات!
نقطة أخرى مهمة، وهي أن جبهة النصرة التابعة للقاعدة تُحارب ضد بشار الأسد، لكن باستقلالية عن الجيش الحر، وهذه الحرب مختلفة الأهداف، فالنصرة تسعى لأن تحكم القاعدة سورية بعد سقوط الأسد، والجيش الحر هو امتداد للثورة السورية الشعبية التي تسعى إلى إزاحة الطغيان وإحلال دولة سورية مدنية. وقد يحدث لدى - بعضهم - لبس عندما يرى صور وأشكال أفراد الجيش الحر بلحى طويلة فيظنهم من القاعدة، وهذا طبيعي أن تكون أشكال أناس في حالة حرب على هذه الهيئة، وهذه الظنون التي تلتبس في أذهاننا جاءت بعد جهد بشار الأسد الدؤوب في تشويه سمعة الجيش الحر، وغرسه لدولة العراق والشام التي لم توجه رصاصة واحدة ضده.
ما أردت قوله في هذا المقال، إن النافرين إلى سورية لا ينضمون للجيش الحر أو لحركة أحرار الشام الإسلامية “السلفية”, يذهبون فقط للقاعدة, وهنا تنبيه لأبنائنا من أن يتم استغلالهم عبر مندوبي دولة العراق والشام في الخليج العربي، وأن لا تستغل غيرتهم جراء المجازر التي نراها في سورية، فيذهبوا إلى هناك وهم لا يعلمون أن جهادهم لصالح الأسد وشبيحته!
www.salmogren.net