أود بدءاً أن أكرر الثناء على المهمة الجليلة التي تنهض بها وزارة التعليم العالي، بحرص ودأب ومتابعة دقيقة من معالي الوزير الدكتور خالد بن محمد العنقري، في التعريف بأدبنا وثقافتنا وجوانب من وجوه الحياة النابضة في مجتمعنا، من خلال المعارض المتنقلة بين دول العالم. والحق أننا أحوج ما نكون في هذه الظروف السياسية الهائجة المائجة التي تعصف بأمتنا إلى أن نسعى - قدر ما نستطيع - إلى دفع التهم الجائرة، ودحض التقولات الباطلة التي يروجها إعلام مدفوع أو مأجور بأننا مجتمع خاوٍ من إبداع فكري وأدبي وفني، وأننا نستهلك ولا نعطي، ونأخذ ولا نضيف، وأننا نقف حائط صد أمام تدفقات العقول.. وهي (شنشنات) لا تغيب إلا وتعود جذعة من جديد مصاحبة لما يثار حول الإرهاب ومصادره. وهم يعلمون أو لا يعلمون أننا أول من اشتكى من ضيم التطرف، وأول من قدم الضحايا لدرء الإرهاب، وأول من استهدفه الإرهاب في أبنائه ومنجزاته وخطط تنميته.
لقد كان جناح المملكة في بكين ناجحاً ومميزاً وجاذباً؛ لما بذله القائمون عليه من جهد كبير لإخراجه بالصورة التي ظهر بها، كل في مجاله، سواء في المعرض نفسه، أو في البرنامج الثقافي. ومع هذا النجاح المبهر لا بد أن نتشارك معاً في السعي إلى استكمال بعض النواقص، أو التوقف عند بعض الهنات اليسيرة التي لو تم تداركها لكانت الصورة أكثر بهاء وجمالاً، ومن ذلك مثلاً استكمالا لما كنت بدأته في الجزء الأول من هذا المقال:
-كان الحرص شديداً جداً على حضور أعضاء الوفد في كل الندوات والمحاضرات، حتى لو لم يكن لأي منهم مشاركة فعلية في هذه الندوة أو تلك، وتم استقصاء حضور كل هذا الوفد الكبير بمتابعة دقيقة، حتى خُيل لكثيرين أنهم طلاب في دورة تدريبية وليسوا أعضاء في وفد ثقافي، يؤدي كل مشارك فيه مهمته التي نُدب إليها؛ وخُيل لكثيرين أن المحاضرات والندوات يُعنى بها السعوديون المدعوون وليس أبناء البلد المستهدَف برسالة الجناح السعودي الزائر؛ فكان الأولى والأكثر إيجاباً الحرص الشديد على استجلاب الصينيين، ودعوتهم بشتى الطرق، عبر وسائل الإعلام الصينية المختلفة، والإذاعة الداخلية، واللوحات الدعائية، وغيرها. أما لو اقتصر الحضور على أعضاء الوفد السعودي مع قليل جداً من أبناء البلد المستهدف بالجناح فكأننا لم نصنع شيئاً! لأننا في هذه الحال نتحدث إلى أنفسنا!
- غابت عن المعرض للمسلمين نسخ من المصحف الشريف مترجمة معانيه إلى اللغة الصينية، وماء زمزم، والتمر السعودي المميز.
-كان أداء العرضة الشعبية مصاحباً فقط للحظات الافتتاح وتشريف معالي الوزير والمسؤولين الصينيين، والأولى ألا تنقطع الفنون الشعبية عن الأداء داخل المعرض في ساعات محددة لجذب الزوار.
-كان أداء الربابة خفيض الصوت، ولا يسمعه إلا من كان بجانب العازف في الخيمة، بينما لو وُضع مكبر صوت جيد لنقل الربابة بنغمتها الغريبة إلى جزء كبير من المعرض، وكان عامل جذب وإبهار.
-غاب الناشرون السعوديون، وغابت كتب سعودية كثيرة أيضاً؛ واكتُفي بتمثيل دور نشر رسمية. ولو أن وزارة التعليم العالي أكملت جهودها المميزة باختيار إبداعات ومؤلفات لأدباء وكتّاب من روايات وشعر ودراسات وسير وغيرها، وقدمتها للزائرين المعنيين باللغة العربية إهداء أو بيعاً بسعر مخفض، لكان في ذلك نشر للثقافة السعودية، ودعم للكتاب السعودي.
-كان من الخير الإطلالة عبر بعض وسائل الإعلام الصينية من خلال حديث صحفي، أو ندوة إذاعية أو تلفازية بالإنجليزية، أو باللغة الصينية ممن يحسنها، وزيارة بعض المراكز العلمية والحضارية كالجامعات والمصانع المميزة.
إنني حين أدون بعض الملحوظات لا أقلل أبداً من جهود الأساتذة الأفاضل في اللجنة الثقافية الموقرة، ولا في إدارة المعرض، ولا في تميز سعادة الملحق وزملائه المجتهدين؛ بل سعياً إلى أن نكون في القادم أجمل وأبهى خدمة لوطننا العزيز، وإبرازاً لمكنوناته الإبداعية والعلمية والحضارية العظيمة.
moh.alowain@gmail.commALowein@