يعزّ علي أن أكتب عن الصديق في العصر الحديث، وأنا أقرأ في كتب الأولين عن الوفاء، وكيف أن الخليل مرآة عاكسة صادقة كما قال عدّي بن زيد:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه.. فكل قرين بالمقارن مقتدي
فيما حرف أصدقاء ومحبو طرفة بن العبد على ما يبدو (البيت) ونسبوه له في معلقته الشهيرة، حتى إن أصدقاءنا من أهل الأدب اختلفوا في من القائل؟! فاتفق الأصدقاء أنه واحد من الفحول الأربعة للشعر الجاهلي!
اتفاق الأصدقاء هذا ولو كان على أمر خاطئ إلا أن له دلالة الوحدة، والتفاهم والانسجام، بينما أن اختلافهم حتى لو كان على الحق مؤشر ضعف وتفكك بينهم!
الصداقة كان لها شأن عظيم منذ أيام الجاهلية، حيث كان العرب يحفظون للصديق وده ومكانته، ولعل القصص في هذا عديدة وعظيمة وتاريخنا العربي مليء بمعاني الوفاء للأصدقاء، وجاء الإسلام فجعل من حلاوة الإيمان الحب في الله (أن يحب المرء لا يحبه إلا لله) كما في حديث أنس!
الصداقة كما أنها تقع بين الأفراد، فهي تقع كذلك بين المؤسسات والمنظمات، بل وحتى بين الدول وإن كانت المصالح هي التي تجمع أصدقاء هذا العصر، كما أن هناك صداقات تنشأ بين الشعوب.. ألم تسمع عبارة (شعوب صديقة)!
ومع تطور الحياة والعلم، ظهرت جماعة (أصدقاء البيئة) ومنها المنتجات (الصديقة للبيئة)، البشر في المجتمعات (المتحضّرة جداً) منهم من وجد صداقته في (كلب) أو (قط)، فهو يعتقد أن هذا الحيوان يستحق كل مشاعر الحب والحنان والصداقة أكثر من البشر؟!
ولا أعرف لما ذا يغضب بعضنا عن نشوء هذه الصداقة البريئة بين المتحضّرين وحيواناتهم وينكرون ذلك عليهم، رغم أن تاريخنا العربي المجيد يحكي قصص حب الفارس لفرسه، أو القنَّاص لطيره، وكيف أن أحدهما مات من الحزن على فراق الآخر!
لا أعرف لماذا نسيت مثل فيما معناه أن من كان يعتقد أن أصدقاءه بعدد شعر رأسه، فإنه سيكتشف عند حاجتهم كم هو أصلع بلا شعر، أي بلا أصدقاء؟!
فهل اكتشفت أنك أصلع؟! أم لم تكتشف ذلك حتى الآن؟!.
رغم أن دراسة بريطانية تربط بين (الصلع وتصلب الشرايين)، إلا أنني شخصياً أهوى التزين والتجمل (بشعر مستعار)، تاركاً نصيحتهم بأن فحص القلب (يقي من الصلع)!.
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.netfj.sa@hotmail.com