صديقي الطبيب الذي أثق بعلمه ومعلوماته قرأ ما كتبته في هذه الزاوية تحت عنوان «انتبه.. فقد يسرقون كليتك» وزودني بمعلومات رأيت أن أشرك القارئ بها توضيحاً لجوانب تتعلق بموضوع زراعة الكلى والمتاجرة فيها، فالمقال الذي كتبته هنا كان يتناول بالتعليق ما نشرته بعض الصحف المحلية من أن مواطناً اتهم أحد المستشفيات في واحدة من محافظات المملكة بسرقة كلية من بدن مريض.
وقد علقت بقولي:»مازالت القصة في بداياتها، وما زالت تحت التحقيق الرسمي. ولكن إذا تبين أنها وقعت فعلاً وليست متوهمة فهذا يعني أننا ندخل في حقبة جديدة لم نعرفها من قبل في تعاملاتنا مع مستشفياتنا».
صديقي الطبيب نبهني، إلى نقطتين. النقطة الأولى أن انتزاع كلية من جسد وزراعتها في جسد آخر هي عملية في منتهى التعقيد من الناحية الطبية ومن الناحية الإجرائية الإدارية، فمن الناحية الطبية يتطلب الأمر تطابقاً في الأنسجة بين صاحب الكلية وبين المريض الذي ستزرع له، وتتطلب السرعة الكبيرة القصوى لأن التأخر في زراعتها يعني موتها وعدم التمكن من الاستفادة منها، بالإضافة إلى الكثير من المتطلبات الأخرى الدقيقة المفصلة التي تحول دون نقل الكلية على النحو الذي يتصوره بعضهم. أما الناحية الإجرائية الإدارية فإن نقل وزراعة الأعضاء في المملكة مغطاة بنظام صارم حتى عندما تكون الأعضاء منقولة من الخارج لشخص متوفى دماغياً إذ إن من يحدد المريض الذي سيُزرع له العضو ليس أهل المتوفى وإنما وفق أولويات محددة. كل ذلك من وجهة نظر صديقي الطبيب، يجعل عملية سرقة كلية أو أي عضو من جسد مريض في مستشفياتنا بالمملكة عملية مستحيلة لن يستفيد منها أحد لأن الحقائق العلمية الطبية والممارسات الإجرائية تحول دون ذلك، وهو ما يختلف عما نقرأه أحياناً من ممارسات مشبوهة كانت تحدث في بعض الدول التي غالباً ما يكون ضحيتها المريض الذي يتلقى العضو إذ لا يلبث أن يتلف وتفشل العملية التي هي في الأساس نوع من النصب والاحتيال.
من ناحية أخرى يقول صديقي الطبيب: إن الإصابات الشديدة التي تقع في الحوادث المرورية وغيرها والتي ينجم عنها تفتت العضو المصاب قد تتطلب استئصال العضو المتضرر على وجه السرعة لكيلا يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد حياة المريض. وفي هذه الحالة يتم بالفعل استئصال العضو المتهتك دون تأجيل. ويرى هذا الطبيب ان المريض الذي نشرت الصحف قصته الذي تعرض لحادث قد تكون كليته تضررت لدرجة أوجبت البتر إنقاذاً لحياته، وبالطبع فإن التحقيق الرسمي هو الذي سيبت في هذا الجانب.
لقد أردت العودة إلى الموضوع والإشارة إلى المعلومات التي تلقيتها وذلك من أجل إلقاء المزيد من الضوء على هذا الموضوع المهم بغض النظر عن حالة فردية معينة، وكذلك من أجل أن يكون تناول الموضوع متوازناً.
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر