يقول الشاعر صفي الدين الحلي:
وَأَغْزَرُ النَّاسِ عَقْلاً مَنْ إذا نَظَرَتْ
عَيْنَاهُ أمْراً غَدَا بِالْغَيْرِ مُعْتَبِرا
(يُصرُ بشكل عشوائي) البعض على تنميط الذائقة في الشعر الشعبي بعيداً عن التجدّد وتوظيف المخزون اللغوي والمواكبة في علم البيان وعلم البديع وعلم المعاني، ويجترّ من المفردات ما لا يستطيع توظيفه بطريقة متقنة في القصيدة لسبب رئيسي وهو أن هذه المفردات ليست من بيئته، بل يستحضرها بشكل (متكلِّف) يفضح (حاله) في كتابة قصيدة لم يستطع ترويضها وهو الشاعر الفحل.. كما يتوهم..!
يضاف لهذه السلبية من - تبعات - أنه قد غاب عن فطنته أن أصغر شاب متذوق للشعر أو صاحب محاولات أو شاعر من مجايليه بين يديه (جهاز جوال) مع اختلاف اسم هذا الجهاز، يستطيع أن يستحضر من خلاله كل معلومة من الماضي أو الحاضر أو يستشرف أدق البحوث العلمية والأدبية عن المستقبل، (فأين من أشرت إليه في بداية حديثي من مواكبة الأجيال - ومفارقة - مخاطبة ذائقتهم..؟).
ثم إن الذائقة الرفيعة للأجيال الحالية والقادمة من الشباب تمثّل في وجه من وجوهها امتدادا للآباء والأجداد، لذا فإن اعتدادهم بمكارم الأخلاق والخصال الحميدة والمواقف المشرّفة للماضي هي بالقدر الذي تجعلهم يعتزون بحاضرهم ومستقبلهم على كل الصعد بما فيها ما يخص الحراك الأدبي وتحديداً منه (الشعر الشعبي الجزل)، فهل يصحو من سباته العميق من يتوهم أن باستطاعته تكلّس الذائقة من حالتها المرنة المتجددة إلى جمود ما يهدف إليه من وهْم واقع ليس له وجود إلاَّ في سقف ذائقته المتدني وقناعاته الواهية.
رد خاص:
الأخ سعود السويلم - الرياض - القصيدة التي اشرت اليها في رسالتك من كلماتي وهي في ديواني (تذكار)، وقد لحنها الفنان صالح الشهري - رحمه الله - وغناها الفنان الكبير الذي ذكرت اسمه في رسالتك في جلسة خاصة وهي:
ما شافت عيوني مثل زينها زين
على كثر ما شافت الزين عيني
عيونها ليل ومعاني وجيشين
تذود قدّامه شمال ويميني
ومن فوقها ربي كساها هلالين
وأحلى بعد في لونهن أسوديني
وجبين ربّي صوّره بين وقتين
الليل وشمسٍ ما أشرقت كل حيني
والخد وردٍ عابقٍ بالرياحين
يخاف من هب الذواري يحيني
وعنقٍ عسى ربي يجيره من العين
من ناظره مهما تقوّى يليني
وخصرٍ كساه الله من الزين واللِّين
شكلٍ يهول ويحرج الواصفيني
رقيقه أنعم من ورود البساتيني
يا ليتها تدري بخافي حنيني
abdulaziz-s-almoteb@hotmail.com