** كشفت حملة مخالفي نظام العمل خلال أيامها الأولى حجم ظاهرة التستر من خلال إغلاق عدد كبير من المحال الصغيرة المنتشرة في الشوارع. الإغلاق كان بمنزلة جس النبض، وكثير من العمالة يتوقع ألا تستمر الحملة، إلا أن الإصرار وتكاتف جميع الجهات الأمنية يثبتان أن الحملة سوف تستمر، ويزداد تأييد المواطنين لها يوماً بعد يوم، حتى لو كان لها أثر وقتي على رفع الأسعار، إلا أن الأهم هو اقتصاد البلد.
** الحملة ليست لوزارة العمل وحدها بل هي حملة أمنية اقتصادية اجتماعية، ويجب على وزارة العمل ألا تعتبر الحملة نجاحاً لها، بل إن نجاحها الحقيقي، بوصفها وزارة معنية بسوق العمل، يكون بتوفير بدائل نظامية، تكفي الناس حاجة اللجوء إلى الاستعانة بالعمالة المخالفة، فالمواطن حين يجد عمالة نظامية، وبسعر معقول، حتماً لن يلتفت إلى العمالة المخالفة التي ستجد نفسها بلا عمل؛ وستضطر إلى المغادرة، وستكون معرَّضة للعقاب.
** التستر هو الآخر يحتاج إلى حملة مماثلة، تكشف خبايا هذا الورم الذي استشرى في مفاصل كثير من الأنشطة التجارية؛ ما حرم المواطن من ممارسة حقه في الأعمال التجارية. فسيطرة جنسيات معنية على قطاعات كبيرة أثر في عنصر المنافسة، وأصبح المواطن هو الحلقة الأضعف، وخصوصاً في مجال التجزئة. وللأسف أن المواطن هو نفسه شريك في التستر، ويجب أن يعي دوره في مواجهة هذه الآفة المتستر عليها، وفي الوقت نفسه على الجهات المعنية دور في مواجهة التستر بحملة وأنظمة صارمة تطول المتستِّر والمتستَر عليه.
** بعض وسائل الإعلام الخارجي صوَّرت الحملة بأنها ضد حقوق الإنسان، وتناست فرصة المهلة والدعوات إلى التصحيح وما تضمنتها من الإعفاءات والتسهيلات. ومن المؤسف أن قناة الجزيرة لا تزال تصطاد في الماء العكر؛ فقد سارعت إلى الالتقاء مع بعض العمالة المخالِفة والمغادرة على الحدود اليمنية، وبشكل انتقائي اختارت عينات من تلك العمالة؛ لتكيل التهم للمملكة، في تقرير افتقر للمهنية والإنصاف، ولم يتطرق إلى الجهود والتسهيلات وتمديد المهلة إلى نحو 8 أشهر للعمالة المخالفة، لكنها تبقى الجزيرة معروفة التوجهات وفاقدة المصداقية.