المحور اليوم ليس في أهمية هذا الملتقى الذي يعقد حاليا في الرياض برعاية صاحب السمو الملكي الامير خالد بن بندر امير الرياض, حيث ان اهميته تنبع من ذاته، ولا حاجة للتركيز عليها اكثر، فالفكرة من ورائه واضحة وقيمتها العالية بينة, لكن المحور المراد التسليط الضوء عليه هو النظرة الشمولية لاهتمامات المملكة وحكومتها بهكذا ملتقيات وهكذا مواضيع, إذ قلما تجد في اي دولة في العالم اسلامية او غير اسلامية أمراً مشابها لما يحدث في المملكة من اهتمام ورعاية على اعلى مستويات الدولة بالتراث الديني وبرجالات هذا التراث, واليوم في هذا الملتقى يتم التركيز والاهتمام بأهم القراء أي الشخصيات, هو تخليد لذكراهم وتكريم لجهودهم بنفس المستوى مع تركيز وتأصيل الفكرة بحد ذاتها. هكذا نوعية من الملتقيات التي تعنى بالتراث الاسلامي وبرجالات التراث الاسلامي تلقى اهتماماً خاصاً من القيادة السعودية, حيث تعطى لها الأولوية وتوفر لها الامكانيات المادية والمعنوية اللازمة لنجاح أهدافها, فالمملكة القائمة على خدمة بيت الله الحرام وزواره وعلى الحرم النبوي الشريف وبرعاية قائد الوطن الذي يفتخر بأن لقبه الملكي هو خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه, لابد ايضا وان تعنى المملكة بكل ما يتعلق بهذه الخدمة وما يرتبط بها من قريب او بعيد, لهذا نجد هذه المنارات التعليمية والتثقيفية والتكريمية منتشرة ومنسق لها تنسيقاً عالياً، وجامعة الملك سعود ممثلة بمديرها معالي الدكتور بدران بن عبدالرحمن العمر خير من ينظم ويستضيف مثل هذه اللقاءات، وهذا الملتقى الذي نظمه كرسي القرآن الكريم بالجامعة خير دليل على نظرة الدكتور العمر بتنوع الكراسي البحثية وأهميتها في مسيرة الجامعة ومستقبلها.
المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز -نصره الله وأدام عزه- تشهد مسيرة علمية تنويرية حثيثة ومتميزة, فكما الاهتمام بالبنيان والطرق والتطور الجغرافي وخدمات المواطن أيضاً نجد الاهتمام بتراثنا العربي الإسلامي الذي هو أساس كل انطلاقة علمية حديثة, فلولا دين محمد عليه الصلاة والسلام لما كان العرب أمة واحدة قوية فتحت بلاد الأرض كلها.
لا يمكن أن نتصور جيلا نعده للمستقبل دون ان يكون ممتلكا لاهم صفحات التراث والتاريخ الاسلامي, لا يمكن ان يكون ابداعهم بناء ايجابيا ان لم يكن الوازع الديني الاخلاقي يرتكز على تراث الاجيال السابقة, لا يمكن ان يكون المستقبل صحيحاً ان لم يكن رجال المستقبل قد نهلوا من علم ومعرفة وخبرات الأولين من علماء وقراء وباحثين وغيرهم.
حمى الله المملكة ونصر قيادتها لتبقى منارة الاسلام ودين التوحيد والعرب جميعا على مر الزمان القادم كله.