ما من شك أن الموقف الحازم والجاد الذي تسلكه الدولة - حفظها الله - بحق العمالة الأجنبية غير النظامية بعد انتهاء فترة التصحيح المحددة لها, سينعكس إيجاباً على الكثير من القطاعات والأنشطة الاقتصادية. وما من شك أن قطاع محلات التجزئة يأتي في مقدمة تلك القطاعات التي يمكن أن تحقق لاقتصادنا الوطني كسباً ملحوظاً سواء من خلال توفير فرص العمل للسعوديين أو من خلال إيجاد الفرص الاستثمارية لهم في تلك المحلات التجارية.
في مقال اليوم, سأتحدث عن فرص العمل التي أصبحت متاحة للسعوديين في محلات التجزئه, وسأتناول الفرص الاستثمارية المتاحة حالياً لشبابنا في هذا القطاع في زاوية الأسبوع القادم.
انتهاء فترة التصحيح سيترتب عليها هجرة مئات الآلاف من العمالة الأجنبية وتركها لمحلات التجزئه, وتقدر أعداد تلك العمالة الأجنبية في محلات التجزئه بأكثر من (3) ملايين عامل تشكل ما نسبته (80%) تقريباً من إجمالي العاملين في تلك المحلات, وهو ما يعني إتاحة الفرصة لشباب وفتيات هذا الوطن لشغل مئات الآلاف من فرص العمل المتاحة في هذا القطاع, ومن الأهمية أن نوضح هنا بأن طبيعة العمل في تلك المحلات لا تحتاج لمؤهلات علمية عالية أو تدريب تقني متخصص, بل إن غالبية العمالة الأجنبية المسيطرة على تلك المحلات هي من العمالة الأجنبية الجاهلة غير المدربة.
ولكي ننجح في إشغال تلك الآلاف من فرص العمل المتاحة في قطاع التجزئة بالعمالة الوطنية, من الأهمية أن يوضع في الاعتبار ما يلي:
-سبق أن حددت وزارة العمل الحد الأدنى للأجور بمبلغ (3000) ريال, وأعتقد أننا في حاجة إلى رفع الحد الأدنى إلى أكثر من ذلك خصوصاً في المحلات ذات رؤوس الأموال الكبيرة والتي تحقق ربحية عالية, وفي ظني أننا قادرون على معرفة رؤوس أموال وربحية جميع المحلات التجارية إذا ما أردنا ذلك.
-على وزارة العمل المسارعة بالرفع للمقام السامي لإقرار تحديد عدد ساعات العمل اليومي والأسبوعي في تلك المحلات. فالعامل أو العاملة السعودية لديهم الكثير من الالتزامات الأسرية والاجتماعية والتي لا تمكنهم من البقاء طوال ساعات اليوم في المتجر أو المحل الذي يعمل فيه. واقترح هنا أن لا تتجاوز ساعات العمل اليومي فيها عن (8) ساعات بحيث تكون على فترتين (9-12 صباح) و(4-9 مساء) أو لفترة واحدة بحسب طبيعة النشاط التجاري, وسيترتب على ذلك الحد من الهدر الاقتصادي الناتج عن فتح تلك المحلات طوال ساعات اليوم وحتى منتصف الليل دون وجود الحاجة لذلك في معظم المحلات التجارية. مع دراسة إمكانية التفرقة بين طبيعة المحال التجارية, فليس بالضرورة أن تقفل جميعها في ساعة واحدة محددة, ومع إمكانية استثناء بعض أسواق مكة المكرمة والمدينة المنورة في المناطق المركزية للحرمين من هذا التنظيم.
-على وزارة العمل المسارعة بالرفع للمقام السامي لإقرار يوم الجمعة كإجازة إجبارية لغالبية العاملين في تلك المحلات التجارية مراعاة للظروف الأسرية والاجتماعية للعمالة السعودية.
-من الأهمية أن يسيطر الفكر التجاري الاحترافي عند التجار السعوديين أصحاب تلك المحلات التجارية, وذلك من خلال التعامل مع العامل السعودي على أنه شريك له في المحل وليس مجرد عامل, ويكون ذلك بتخصيص ما نسبته (2) إلى (5%) أو حتى (10%) من صافي الربح الذي يحققه المحل للعامل بالإضافة لراتبه الشهري حيث سيدفع ذلك العامل إلى مزيد من الجد والإخلاص والحرص على رفع ربحية المحل, مما يعني مزيد من الدخل لصاحب المتجر وللعامل على حد سواء.
ختاماً, كلمة لإخواني وأخواتي الشباب والفتيات السعوديين الباحثين عن فرص عمل, انتهاء فترة التصحيح تمثل فرصاً ذهبية للحصول على فرص العمل الشريفة لكم دون مزاحمة العمالة الأجنبية التي كانت تمثل عائقاً أمامكم, وعليكم اغتنام هذه الفرصة والحرص على مخافة الله والتمسك بأخلاقيات العمل حتى تكسبوا ثقة من ستعملون لديه من أصحاب المحلات التجارية.