تشكل العمليات الجارية في “القلمون” تمهيداً لمعركة فاصلة، وإحكام السيطرة على تلك المنطقة الإستراتيجية - عسكريا وميدانيا، وانعكاس نتائجها على المسار السياسي العام للأزمة السورية، وتداعياتها اللبنانية. وهذا ما يؤكده المتابعون للشأن السياسي في كل من لبنان، وسوريا، بامتداد “القلمون” إلى عرسال اللبنانية،
والتي تعتبر نقطة مصالح عسكرية، وسياسية لأطراف عديدة، أهمها: الدولة السورية، فهي تحتاج إلى إقفالها؛ لتخفيف تأثيرها في مجريات المعركة داخلياً، ويحتاج حزب الله إلى إغلاقها في وجه المسلحين؛ لِما تمثّله من خطر على خطوط إمداد المقاومة، وعلى القرى، والمدن البقاعية المؤيدة للحزب، أمّا المسلحون من الجيش الحر، فتُمثّل لهم المنطقة قلعة للاحتماء، والبقاء وقتاً طويلاً، والانطلاق لتنفيذ عمليات أمنية، وعسكرية في سوريا، ولبنان.
لبنان، لن يكون بمنأى عن تداعيات تمدد التوتر الأمني، وانسحابه إلى مناطق سنية، إذ ليس صحيحا أن الوضع في لبنان غير مرتبط بالوضع في سوريا، الأمر الذي سيدفع الوضع الأمني، والسياسي في لبنان نحو التصعيد، والذهاب به إلى حرب طائفية، ومذهبية كاملة، والدخول به إلى أقسى مواجهة -سنية شيعية-، لم يشهدها لبنان من قبل، كونها تناصر المعارضة السورية من عرسال إلى البقاع الأوسط، إضافة إلى تزامن ما سبق مع غياب تشكيل الحكومة اللبنانية المختلفة، والفراغ المتوقع للرئاسة، وهو ما سيعطي غطاء سياسيا لقوات حزب الله أثناء المشاركة في القتال.
في المقابل، فإن إيران تسعى إلى رسم مستقبل سوريا، عن طريق صنع سياساتها الإستراتيجية بما يتناسب مع مصالحها القريبة، والبعيدة المدى، وذلك من خلال السيطرة على “القلمون”، التي تعتبر منطقة إستراتيجية بالنسبة لها، كونها تقع في المثلث - السوري اللبناني الإسرائيلي، وسيطرته على محيط العاصمة، والإمساك بجبهة حمص، وحصر المعارك في -محافظتي- حلب، ودرعا، وتعزيز أوراقه التفاوضية؛ لأهمية موقعها الجغرافي، ومضمونها الإستراتيجي، ومكتسباتها العسكرية والميدانية.
أستطيع أن أقول: إن معركة “القلمون”، ستكون نتائجها حاسمة في رسم، وتحديد الأدوار السياسية الدولية، والإقليمية. وسيبقى التساؤل في نهاية المقال: هل ستسبق معركة “القلمون” جنيف 2، أم ستسكمل لعبة الوقت الضائع؛ بسبب تناقض المواقف الدولية؟