قد يعتقد البعض أنني أمارس نوعا من العنصرية، إن صح التعبير، على المصرفي ذي «الشعر الأشقر» و «العيون الزُرق». اعتراضي ليس على شخصهم بل على «قداسة» تقدير النصيحة المالية التي يزودون بها مؤسساتنا الخليجية. فالاعتماد المُفرط و الأعمى قد يؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج عكسية. وكلنا سمعنا عن قصص لا تصدق من أثريائنا الخليجين، غير المثقفين من الجوانب الاستثمارية، وكيف يتم خداعهم في صفقات وهمية من المصرفي ذي «الشعر الأشقر» في بعض البلدان الأوربية. دعوني الآن استشهد بالتحقيق الذي نشرته وكالة رويترز عن عائلة ثرية من الإمارات وكيف ساهمت نصيحة مالية من «الرجل الأشقر» في جرها إلى قاع الخسائر.
بل لن أبالغ عندما أنقل عن مالكيها أنها بالفعل قد تحولت إلى «هيكل عظمي» يثير الشفقة.
فقد بلغت تلك العائلة،التي لن أذكر اسمها كما تقتضي عاداتنا الخليجية، ذروة مجدها قبل خمس سنوات حين أصبحت شركتها النفطية، أكبر شركة مستقلة لتجارة النفط في الخليج، كيف لا وقد ضم أسطولها عشرات السفن وشغلت فروعا في لندن وسنغافورة.
لكن وضع الشركة اختلف الآن أيما اختلاف.
فالشركة مدينة لكونسورتيوم بنوك بنحو 900 مليون دولار منها حوالي 200 مليون لستاندرد تشارترد.
وتطعن الشركة حاليا على حكم قضائي صدر في لندن لصالح رويال بنك اوف سكوتلاند يقضي بتجميد أصولها حول العالم.
وتقاضي الشركة حكومة الشارقة حيث مقرها الرئيسي في نزاع علني نادر بسبب فاتورة شحنات نفط قيمتها 750 مليون دولار.
بل إنها تعاقدت مع شركة بريطانية لتحصيل الديون لحمل الإمارة على السداد.
وفي مقابلة مع رويترز قال أحد أفراد العائلة والعضو المنتدب للشركة النفطية إن ثروة العائلة تراجعت في السنوات الأخيرة من نحو ثلاثة مليارات دولار إلى مايزيد على 300 مليون !.
وقال إن سداد ديون الشركة أصبح طموح العائلة رغم أنه لا يبدو ممكنا بسبب النزاع القضائي مـع إمارة الشارقة.
وذكر أن الشركة أصبحت «مجرد هيكل عظمي» وأنها في مرحلة تصفية وقال «لم نعد نشطاء في تجارة النفط».
أما كيف تورطت تلك العائلة مع هذا الرجل «الأشقر»، فالإجابة تكمن في الاستشارة التي تلقوها من بيوت الاستثمار الأجنبية لشراء مصفاة نفط من كندا.
ويكشف التحقيق أنه في 1995 أعلنت الشركة النفطية عن خطة غير معتادة لبناء أول محطة لتكرير النفط في الشارقة عبر شراء محطة تكرير مستعملة من كندا وتفكيكها وشحنها إلى الشارقة.
واشترت العائلة ثلاث مصاف كندية متوقفة عن العمل.
وفي إحدى الحالات تم نقل المعدات الضخمة بالسكك الحديدية لمسافة تزيد عن 600 ميل إلى ميناء فانكوفر قبل شحنها إلى الشرق الأوسط.
وشارك مئات العمال في إعادة تجميع الأجزاء.
وأدت مشكلات فنية وزيادة التكلفة إلى تأجيل العمل أكثر من مرة. وقال درموت جيمس ولش المستشار العقاري في تورنتو الذي ساعد الشركة في شراء محطات التكرير القديمة «أصبح لديهم مشكلات ومشكلات ومشكلات.»
يقول العضو المنتدب»نحن أسأنا التقدير.
نقل المصفاة يتكلف نفس ثمن إنشاء مصفاة جديدة.
وألغي المشروع وأعلنت الشركة أن هذا الاستثمار كان كارثة مكتملة الأركان وقدرت الخسائر بين مائة و150 مليون دولار !