أظهرت الأمطار التي سقطت على الرياض مؤخرا عدم جاهزية الطرق للسير عليها راجلا كنت أو راكبا سيارة! ولكنها قد تكون صالحة للقوارب والسفن وربما اليخوت!!
والواقع أن الأخبار التي نقلتها وسائل الإعلام مصحوبة بالصور تكاد تكون مفجعة سواء بمناظر السيارات العالقة أو الطافحة أو العائمة التي غالبا ما يتركها أصحابها لينجوا بأنفسهم!
وحينما نسمع عن حالات المفقودين من الأشخاص لعدة أيام ثم تأتي الأخبار بغرقهم ووفاتهم فهو أمر يستدعي الحزم مع المتهورين الذين يتهربون عن الذهاب لأعمالهم ويستغلون فرصة تعليق الدراسة ثم تجدهم ينفرون لما يسمى تجاوزا التنزه والاستمتاع بالأجواء الربيعية خارج المدن! وأي استمتاع يجلب الضرر والغرق والموت؟!
وحين أطالب بالحزم فأعني به منع التجول مطلقا أثناء نزول المطر حيث تبين أن بعض الناس غير راشد! وإلا كيف نفسر حالات الوفيات واستنفار رجال الدفاع المدني والشرطة لدرجة وصلت بها البلاغات في يوم واحد إلى أكثر من خمسة آلاف بلاغ في الرياض وحدها و800 محتجز خارج منازلهم وتم رفع 413 سيارة والبحث عن سبعة مفقودين، مما يدل على عدم لزوم الناس لمنازلهم حال سقوط الأمطار وغالبا تكون خارج وقت الدوام والدراسة، وكثيرا ما يكون الخروج بلا هدف ولا مبرر!
إن ثقافة لزوم المنازل أثناء سقوط المطر غير متوفرة في الفكر الاجتماعي الوطني وهو ما ينبغي توجيه الناس له بالتوعية والإرشاد، بل والقوة ـ إن استدعى الأمر ـ وأتوقع أن الدفاع المدني قد فشل في ثني الناس عن الخروج من منازلهم عدا عن النزوح للأودية والبر ومواقع جريان السيول حال نزول المطر، ناهيك عن ممارسة متعة اجتياز الشعاب والأودية، وهو أمر خطير يؤدي للغرق والهلاك!
إن التهاون بمياه المطر والدخول لمهاوي الأودية يدل على ضعف الإدراك بما يمكن أن تؤدي له مهما كانت قوة المركبة ومعرفة الطريق. ولعلها لا تزال ذكرى سنة (الهدام) التي حصلت عام1376هـ الموافق 1956م محفورة بذاكرة كبار السن من أهل الجزيرة سيما وأنها استمرت ثمانية وخمسين يوما هدّمت بيوتهم وقضت على مزارعهم ونفقت مواشيهم، فضلا عن حالة الفقر والجوع، فتراهم يفزعون عند سقوط الأمطار لإدراكهم مخاطرها وما آلت إليه أوضاعهم آنذاك! وعلى الرغم من اختلاف الوضع الاقتصادي الآن حيث يسكن الناس في بيوت آمنة وبقربهم أسواق وتموينات؛ فإنه جدير بهم أن يحمدوا ربهم ولا يغادروا منازلهم إلا في أضيق الأحوال طلبا للسلامة والابتعاد عن الخطر!