برنامج ابتعاث الطلاب والطالبات إلى الخارج هو أحد المكاسب الكبيرة التي تحققت في مجال التعليم العالي، ولكن يجب ألا تكون لذلك البرنامج انعكاسات سلبية على الصورة الذهنية لدى الناس عن خريجي الجامعات المحلية.
في حوار مع زميل يعمل في المجال الأكاديمي هنا في المملكة فهمت أن الأقسام الأكاديمية في بعض الجامعات السعودية نفسها تمنح السعوديين المتقدمين لوظيفة «معيد» من خريجي الجامعات الأجنبية معاملة تفضيلية وتعطيهم أولوية على زملائهم السعوديين خريجي الجامعات المحلية، وكذلك عند قبول الطلاب للالتحاق في أقسام الدراسات العليا.
قد يكون الطالب المتخرج من جامعة أمريكية أو بريطانية، على سبيل المثال، مُجيداً للغة الإنجليزية أفضل من معظم الطلاب المتخرجين من الجامعات المحلية، لكن هذا لا يعني أنه بالضرورة أفضل منهم بشكل مطلق في الجوانب العلمية الأخرى ذات العلاقة الجوهرية بالتخصص. فاللغة، رغم أهميتها، ليست كل شيء ويمكن تعلمها.
لقد دَرَجَتْ الجامعات، تقليدياً، على تفضيل خريجيها عند توظيف المعيدين والمحاضرين. كما أن من المنطقي أن يكون لطلابها الأولوية في الالتحاق في أقسام الدراسات العليا عندما تنطبق عليهم الشروط، وليس من العدل تفضيل آخرين عليهم لمجرد أنهم خريجو جامعات أجنبية!
لا أحد يلوم أي قسم أكاديمي عندما يسعى لاستقطاب معيدين ومحاضرين وطلاب متميزين، ولكن يجب ألا يكون المعيار قائماً على التمييز بين خريجي الجامعات المحلية والجامعات الأجنبية. فكم من جامعة أجنبية هي أدنى بكثير من بعض جامعاتنا المحلية في مستواها الأكاديمي، وكم من طالب متخرج من جامعة محلية هو أفضل من زميله المتخرج من جامعة أجنبية، وهذا أمرٌ يعرفه كل من له علاقة بالحياة الأكاديمية!
وحتى لو فرضنا - جدلاً - أن مستوى الطالب المتخرج من جامعة محلية هو بالمطلق أقل من مستوى زميله العائد من الابتعاث، فإن الجامعات المحلية هي آخر من يحق له التمييز ضد خريجي الجامعات المحلية؛ فإذا كانت هذه الجامعات غير مقتنعة بمستوى خريجيها يجب عليها أن تسارع إلى رفع مستواها بدلاً من معاقبة خريجيها الذين هم في هذه الحالة ضحايا يتعين انصافهم.
لا أود أن يفهم هذا الكلام على أنه تقليل من شأن خريجي برنامج الابتعاث ولا من أهمية هذا البرنامج الرائع، فعلى العكس نحن بأمس الحاجة لهذا البرنامج؛ ولكن يجب ألا يكون ذلك على حساب خريجي الجامعات المحلية، فالخريج يجب أن يعامل على أساس تميزه ولا شيء غير ذلك.