كل دولة في العالم لها علم خاص بها, ولها عيد وطني توجه لها التهاني بحلوله.
و بالنسبة للمواطن يظل في الانتماء شعور مؤكد بالأمان, إلا أن يصنفه الآخرون ضمن فئة تستحق موقع مواطنة منقوصي الحقوق المستهدفة بالإقصاء إن لم يكن الإلغاء.
و قد تتغير الحدود المعروفة، أو تتغير المسميات، أو تتغير نقوش العلم وألوانه.
أو يتغير تاريخ الاحتفال بالعيد.
ولكن يبقى أن لكل دولة علمها وعيدها الوطني.
* * *
معظم دول العالم غيرت حدودها أو اسمها عدة مرات لأسباب سياسية أو عاطفية, لكنها تظل في قلوب أبنائها بمسمى واحد هو «الوطن».
لماذا تحتفل أقطار العالم بأعيادها الوطنية رسميا؟
ربما لتذكر المواطنين أن استقرار الوطن والانتماء إليه نعمة يجب ألا تنسى.
و أن ظل الانتماء للوطن يستحق أن يحميه المواطن بجسده وروحه.
وفي الغالب هذا ما يحدث فعلا.. وإن اختلفت النظرة الرسمية لمن يؤمن بهذا الاعتقاد إلى حد تطبيقه فوق ما هو معتاد من مشاعر المواطنة, فقد يمنح جائزة ووساما إن كان جنديا مخلصا, أو يحكم عليه بالعقاب إن حاول تغيير أوضاع الوطن بمخططات فردية أو فئوية خاصة.
«روبن هوود» قد يكون بطلا شعبيا في عين نفسه, ولكنه في عين المسئولين كان خارجا عن القانون ومطلوبا للعدالة.
العدالة هي جوهر الوطن المثالي ولكن إجراءات تحقيقها غير متفق عليها.كثير من الحضارات البشرية لم تفهم مصطلح « العدالة» بمعنى المساواة لكل المواطنين بكل فئاتهم التصنيفية الأصغر، بل رأت تطبيق العدالة هو تنفيذ استحقاقات ما تستحقه كل فئة حسب تصنيفات المجتمع المتفق عليها.
ولم تكن التصنيفات عادلة بل انتقائية من صنع بشر يتحيزون لفئتهم الخاصة.
وكما لا تتفق الآراء على العدالة في التصنيف والحقوق، قلما تتفق كل الفئات على المواصفات المثالية للوطن المفضل.
* * *
حقيقة أخرى تنطبق على كل «الأوطان» في كل القارات من أوروبا إلى أفريقيا إلى آسيا إلى الأمريكتين واستراليا: ما كل وطن بمواصفاته الراهنة نعمة لجميع من فيه. بل الغالب أن معظم الأوطان تحتوي فئات تعاني من الاضطهاد وتجد ظل المواطنة لا يحميها من الظلم والتفرقة والعنصرية. ولكن في الغالب يظل الانتماء خيرا من عدمه. ولنسأل المهاجرين, والمشردين في المنافي, واللاجئين في أصقاع الأرض الرافضة عن معاناتهم في أرض الأحلام.
وقد نضيق بأن «زامر الحي لا يطرب» ثم نكتشف أن «الغربة كربة».