لم يكن إيقاف لاعبي القوى محمد شاوين وحسين آل حمضة بسبب المنشطات نهاية الأسبوع الماضي حيث أوقف الأول لثلاث سنوات والثاني لعامين ونصف، أقول لم يكن هذا الإيقاف هو الأول ولن يكون الأخير لرياضي سعودي بسبب المنشطات، ما دام أن الأمور على ما هي عليه من تجاهل هذا الخطر الفتاك والسكوت عنه وعدم عمل اللازم لمحاربته.
- فليس سراً أن المنشطات طالت الكثير من الألعاب، حيث شاهدنا لاعبين موقوفين من ألعاب : كرة القدم والتايكوندو وألعاب القوى والملاكمة وكمال الأجسام وغيرها، وهو ما يؤكد أن الأمر لا يقتصر على لعبة دون غيرها.
- تنوعت الأندية التي تضررت وتم إيقاف لاعبيها، فالفرق الكبيرة مادياً وجماهيرياً تم إيقاف بعض لاعبيها، وكذا الفرق المتوسطة وحتى الصغيرة التي لا تكاد تسمع اسمها، وهو ما يجعل الحديث عن بيئة أو فريق بعينه أمراً غير وارد.
- لم يقتصر التورط من قبل اللاعبين على شريحة معينة، فالنجم المعروف سقط، والبطل بألعاب القوى والمفترض فيه الحرص على ما يتناوله خصوصاً وهو يشارك في محافل دولية وجدناه أيضاً في فخ المنشطات قد سقط، وحتى غير المعروفين ومن أندية في الظل سقطوا بذات البراثن، وبالتالي لا يمكن أيضاً التعويل على ثقافة اللاعب.
- بقي الحلقة الأهم، وهي الجهة المشرفة والمتابعة على كل من في المنظومة من ألعاب وأندية ولاعبين، وبظني هي ما يمكنها أن تلعب حجر الزاوية في مكافحة الأمر وتوعية اللاعبين، وأعتقد أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب إضافة للجنة الأولمبية ستكون هي اللاعب الرئيس في ميدان التوعية والوقاية والمكافحة، وتقصيرها بجانب واحد من ذلك سيجعل إمكانية المعالجة للأمر أشبه بالمستحيلة..
- دعونا نعود لما ذكرته في بداية مقالي عن إيقاف لاعبي القوى، فحيثيات قرار الإيقاف الذي أصدرته اللجنة التأديبية السعودية لقضايا المنشطات بحق محمد شاوين وآل حمضة تضمن أن سبب الإيقاف هو استخدام اللاعب أو محاولته استخدام عناصر أو طرق محظورة، وذلك على أساس تغيرات الدم غير الطبيعية حسب متابعة جواز السفر البيولوجي للاعبين للفترة من 2009 حتى 2012م، حيث تم إيقافهما مؤقتاً في منتصف فبراير من العام الحالي، قبل أن يتم تثبيت القرار نهاية الأسبوع المنصرم مع تجريدهما من أي ميداليات أو جوائز من تاريخ بدء ظهور التغييرات في تحاليل الدم التي أجراها (الاتحاد الدولي لألعاب القوى).
- لاحظوا ما بين القوسين في الفقرة الأخيرة، التحليل الأولي للاعبين تم من قبل الاتحاد الدولي لألعاب القوى، والسؤال الذي يطرح نفسه منذ عام 2009م وهو وقت ظهور التغييرات في الدم أين كانت اللجنة السعودية للرقابة على المنشطات، وأين هو دور اتحاد ألعاب القوى سواءً في المتابعة أو حتى الفحوصات الاحترازية والدورية للاعبيه؟
- بالطبع لا يمكن أن نرمي بالكرة في مرمى اللجنة السعودية ولا حتى اتحاد ألعاب القوى لوحدهما، فللأسف الميزانية محدودة، والأمر أكبر من قدرة لجنة أو حتى حصره في اتحاد بعينه دون آخر، فهذا الخطر يحتاج لتكاتف الكثير وبذل الكثير والكثير ليمكننا التغلب عليه.
- وبالتالي فأعتقد أن اللجنة الأولمبية السعودية وحتى الرئاسة العامة لرعاية الشباب مناط بهما المسؤولية الأكبر في مواجهة هذا الخطر وهما الجهتان المشرفتان على الشباب وجميع ما ينضوي تحته من ألعاب وفرق، فليس أقل من وضع ميزانية خاصة وكبيرة للجنة السعودية للرقابة على المنشطات لتقوم بأداء مهامها على الوجه الأمثل الذي يكفل حماية اللاعبين وتكافؤ الفرص ونظافة المنافسة.
- إضافةً إلى السعي والعمل باتجاه إيجاد مختبر معترف فيه داخل المملكة العربية السعودية، وهو ما سيوفر تكاليف إرسال العينات وفحصها في المختبرات الدولية، فلسنا أقل من قطر وهي من أنشأت مختبراً دولياً للكشف عن المنشطات، علاوة على أن هنالك دولا متواضعة على الخارطة يوجد فيها مختبر وكل ذلك إيماناً منها بخطر هذا الداء القاتل على كل رياضي.
- أما للأسف إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه فلم يتم التحرك تجاه إنشاء مختبر أو على الأقل ميزانية خاصة، فأعتقد أننا لن نفاجأ يوماً لو أصدرت اللجنة السعودية للرقابة على المنشطات بياناً تبين فيه توقفها عن العمل بسبب عدم توفير المصروفات اللازمة للقيام بمهامها كما حدث في بداية شهر 11 من العام 1433هـ، وهي أصلاً من بدأت عملها هذا الموسم بعد مضي أكثر من جولة في الدوري المحلي.
- بالمناسبة أخشى أن تكون لدينا المعادلة مقلوبة والتوجس من هذا الخطر لم يتسلل إلى بعض المسئولين، فأذكر ذات تصريح لرئيس نادي الشباب الأستاذ خالد البلطان طالب من خلاله بالكشف عن المنشطات خصوصاً المباريات الكبيرة والتنافسية والنهائية وحينها كان لقاء الشباب بالأهلي في نهائي دوري العام قبل الماضي، المضحك المبكي بالأمر أنه بدلاً من شكر الإدارة الشبابية وتطبيق المقترح، حدث ما لا يمكن أن يتصوره عاقل فتم تغريم الأستاذ خالد البلطان من قبل لجنة الانضباط بمبلغ 200 ألف ريال، والحجة أن التصريح يؤدي للإساءة لكرة القدم وأن هذا الطلب لم يسبقه إليه ناد سعودي!
- أخيراً، يتناول الكثير من الإعلاميين بيئة الملاعب وما فيها من نواقص حتى أصبحت بيئة طاردة، وتتحدث الكثير من البرامج بصوت عالٍ عن المنشآت الرياضية وعدم صيانتها لسنوات، في حين عندما يصل الأمر إلى ما هو أهم وهو صيانة التنافس ووقاية العقول نجد الحديث عن هذا الخطر لا يكون إلا فور سماع نبأ إيقاف لاعب أو عقد ندوة عن المنشطات، ثم يتم تناسي الأمر أو السكوت عنه وكأنه أشبه بعش الدبابير لا يمكن دخوله، إلى متى ذلك؟ فسمعتنا الرياضية الدولية على المحك، والتنافس النظيف يحتاج للكثير من العمل والجهد.
* خاتمة:
أحياناً تكون الحقيقة مؤلمة، لكنها تظل في الأخير حقيقة.