فيما تنتشر ثقافة التسامح والقبول بالآخر وانفتاح الشعوب والأمم على الديانات والثقافات والتعرف على حضارات الأمم، لا تزال بعض الأنظمة تعيش عقماً فكرياً وتقوقعاً سلوكياً يكشف عن تخلف واستبداد وتسلط يطول حياة البشر ويفرض عليهم نمطاً سلوكياً.
فمن عمق إفريقيا خرج علينا النظام الماركسي المتحجر فكرياً في أنغولا بقرار غريب متخلف يفرض على جميع سكان أنغولا بالتخلي عن الديانات السماوية وبالذات عن الدين الإسلامي، حيث أصدرت الحكومة قراراً بحظر الدين الإسلامي في البلاد وهدم المساجد.
حكومة أنغولا هذه إضافة إلى تعميم قرارها وحقدها على المسلمين، حاولت ضم الكنائس (التي ينهج المسؤولون عنها التطرف) بمنعها من أداء الطقوس النصرانية، وهذا التفسير والمبرر الذي قدمته حكومة أنغولا يحمل إساءة مضاعفة للمسلمين، فهو بالإضافة إلى محاربته للإسلام يوصم المسلمين بالتطرف والإرهاب ولذلك حظر الدين الإسلامي وهدم المساجد ومنع المسلمين من أداء الصلوات والالتزام بتعاليم دينهم وهو ما يعد خرقاً سافراً لحقوق الإنسان الأساسية والحرية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
المسلمون في أنغولا أقلية لا يتعدى عددهم عن التسعين ألف نسمة من ضمن 18 مليون أنغولي، ولكن أن يمارس قمع ديني وفكري على فئة من الشعب فهذا يعد تمييزاً يجب أن يواجه برفض من الأسرة الدولية في هذا العصر الذي يدعو الجميع فيه إلى احترام ثقافة السلام والتسامح بما في ذلك التسامح الديني الذي ينشط الكثير من الدول بجعله واقعاً معاشاً ليخفف من الحروب والاحتقان بين الأمم، ولهذا فإن من واجب المجتمع الدولي الوقوف بحزم ضد إجراءات الحكومة الأنغولية إذ إن من شأن هذه الأعمال زيادة الاحتقان وتوسيع الكراهية بين الشعوب، وهو ما ترفضه الدول جميعاً وبالتالي يعد سلوك الحكومة الأنغولية شذوذاً وسلوكاً مرفوضاً يجب أن يواجه بالرفض والمقاومة، خاصة من الدول الإسلامية التي تشكل تقريباً ثلث الأسرة الدولية إذ إن استهداف المسلمين في أنغولا يعد تعبيراً عن استهداف هذه الديانة التي قدمت للبشرية العديد من الإنجازات الحضارية، ونشرت ثقافة السلام والتسامح، واستهداف هذه الديانة وتقديم معتنقيها وكأنهم الوحيدون الذين يمارسون التطرف يعد إجحافاً وقلباً للحقائق، ومثل كل أتباع الديانات والثقافات الأخرى، يوجد متطرفون من بين المسلمين، إلا أنهم أقلية، وجار ٍالتعامل معهم لإعادتهم إلى جادة الصواب، ولهذا لا يجب أن يوصم المسلمون جميعاً بهذا الوصف، كما أنه لا يجب أن يحارب المسلمون وحدهم ويترك الآخرون الذين تمتلئ جماعاتهم بالتطرف والإرهاب، وهنا يتحتم على الدول الإسلامية الدفاع عن المسلمين في أنغولا وإعادة الاعتبار لهم ولمساجدهم وأن تتخذ الدول الإسلامية جميعاً موقفاً موحداً ضد حكومة أنغولا حتى تعود إلى طريق الصواب.