يا محلا الفنجال مع سيحة البال
في مجلس مابه نفس ثقيلة
هذا ولد عم وهذا ولد خال
وهذا رفيق ما لقينا مثيله
على بعد 120 كيلو شرق منطقة جيزان وعلى ارتفاع ما يقارب 7000 متر عن سطح البحر هتف الشوق ان هلموا إلينا مرحبا وأنصت الجبل ثم رددا مرحبا ألوف وحان موعد اللقاء وتنادت قرى جازان وعلى درب الوفاء ومع موكب المساء اقبلت الوفود برفقة اميرها حاملة روح العطاء ومابين ركام السحاب وتحت خيمة الغيم وزخات المطر فاحت رائحة البن والهيل والزعفران واختلطت برائحة الكادي والمسك والشيح والبعيثران وعلى جنبات الطريق وحتى مقر المهرجان كان أهالي محافظة الداير بني مالك في استقبالهم ومحافظتهم قد توشحت بسندس الخضرة والجمال وتزينت بوسام الحب وتاج الكمال وعلى أهازيج الفرح والسرور تغنت بأحلى وصال وعلى اوتار المدرجات الخضراء عزف الجبل سيمفونيته وعلى انغام الطبيعة الخلابة اطرب الوادي وهو يتغنى بأ عذب الحان القصيد.. اتحدت الأيادي وتضافرت الجهود وتكللت مساعي العمل بالنجاح تسابقت الخطى ولاح بدر الهنا وأزهر روض المنى وأهالي محافظة الداير بني مالك خاصة وأبناء القطاع الجبلي عامة يعيشون نشوة الفرح بتشريف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة جازان ورعايته الكريمة لمهرجان البن الأول في موسمه الأول وتدشين فعالياته المتنوعة والذي يقام في محافظة الداير بني مالك.
وإنه لمن الرائع حقا حين يبدأ المشروع الناجح بفكرة بسيطة ثم تجد في المقابل من يتبناها ويقدم الدعم والتشجيع وما كان بالأمس حلما يراود صاحبه صار اليوم واقعا ملموسا وشاهدا حيا على أرض الواقع. كما انه لمن حسن الطالع أيضاً ان اتحدث هنا عن ذلك المهرجان الذي تقدم بفكرته مشكوراً الأستاذ يحيى أحمد حسن الخالدي، وكان القصد منه تشجيع مزارعي البن والمحافظة على بقاء تلك الشجرة الثمينة.. ومن ثم كان لسعادة الدكتور سعيد بن قاسم الخالدي استاذ نظم المعلومات المساعد بكلية العلوم الادارية والمالية ووكيل عمادة شؤون المكتبات بجامعة الملك خالد بأبها، وهو الابن البار بمحافظة الداير وأهلها كان له الاثر البارز والدور الكبير في ايصال مفهوم تلك الفكرة لسمو أمير المنطقة الذي رحب بها.. ويقينا وقناعة من سموه الكريم بالفوائد الكبيرة التي ستحققها المنطقة والعوائد التي سوف يحققها مزارعو البن صدرت التوجيهات باعتماد مهرجان البن الذي نعيش هذه الأيام فعالياته المتنوعة. ويا للمفاجأة إذ علمت عزيزي القارئ خاصة إذا كنت من خارج المنطقة ان البن الخولاني الاصيل يزرع في مرتفعات جازان وربما تصيبك الدهشة أكثر لو علمت ان هناك (60736) شجرة بن وأن عدد المزارعين بلغ (592) حسب الحصر الأخير الذي قامت به هيئة تطوير وتعمير منطقة فيفاء. وحين حث الإسلام على إحياء الأرض والسعي في مناكبها كان ابن جبال جازان ومازال وسيبقى محافظا على مدرجاته الزراعية يحرث أرضه ويحرس زرعه ويسقي غرسه إلا انه يبقى فخورا بشجرة البن وغرسها ورعايتها يستمد منها لنفسه العزة والكبرياء والشموخ ومن نتاج ثمرها يتربع على عرش الرحب والسعة فاتحا باب بيته وبوابات قلبه وهو يستقبل ضيوفه بكل معاني الجود وأصول الكرم. وبالمناسبة يمكن القول: إنه وعلى مر الزمان واندثار الكثير من التراث القديم والموروث الاصيل إلا ان شجرة البن بقيت الكنز الثمين الذي ظل ابن الجبل محافظا عليه وعلى الرغم من وجود العديد من الصعوبات والكثير من التحديات التي تواجهه في حياته اليومية إلا انه بقي أمامها صامدا.. وإذا أردت أخي القارئ الكريم وخاصة أنت عزيزي المسؤول الموقر ان تعرف بعضا من تلك المشاق فإنه ومن واقع خبرتي بالمنطقة وأهلها فإني اقول لكم على سبيل المثال لا الحصر انهم يعتمدون في سقيا مزارعهم على مواسم الأمطار وما يحتفظون به من بقية مياهها في الخزانات والتي يستخدمونها في بعض شؤون حياتهم نايك عن الأسمدة وثمنها وتكاليف الأيادي العاملة التي قد يحتاجونها لإصلاح الأضرار التي خلفتها السيول.. وألا أنسى الأهم من هذا وذاك نعم لا انسى احدثكم عن صور الاغتيالات التي تعرضت لها بعض المزارع على ايدي بعض الشركات التي تعمل على شق الطرق هناك فماتت اكثر المزارع واقفة وهي تتجرع سم الردميات التي التي خلفتها تلك الشركات. ان شجرة البن التي كانت بالأمس بترول العالم قبل البترول بقيت صامدة كريمة بثمرها وجودة انتاجها وهي تقابل الاحسان بالإحسان والعطاء بمزيد من الوفاء ولهذا عرفت قبائل جبال جازان بتقديسها للقهوة العربية الاصيلة والتي تعتبر واحدة من رموز الكرم وأحد اهم المظاهر في الحياة اليومية والمناسبات العامة كما انها تلعب دورا اجتماعيا كبيرا في لمة الناس وتواصلهم مع بعضهم لمناقشة أمورهم وتبادل العلوم والأخبار فيما بينهم بينما بقيت بعض المقامات خاضعة لبعض البروتوكولات الخاصة في تقديم القهوة وتناولها توارثتها الأجيال عبر العادات والتقاليد. ومابين اروقة هذا المهرجان ومن زواياه المتباعدة وأمام الكم الهائل من منتجات البن لعلنا نستعيد جزءا من الماضي القريب فنجد ان الكثير كانوا يحتكرون ما تنتجه مزارعهم من محصول البن لبيوتهم نظرا لقلته وجودته العالية. اما اليوم ولله الحمد وبعد أن عشنا في عالم الرخاء وعم بيننا النماء وتحقق لنا الاكتفاء أصبحت الأسواق المحلية تطلب محاصيل مزارع البن من جبال جازان وصار المتسوق يبحث عنه. وهاهو اليوم مهرجان البن الأول الذي يقام في أحضان محافظة الداير بني مالك خير شاهد على أهميته ومكانته العالية، كما انه يهدف إلى تشجيع المزارعين وإحياء المحافظة على ذلك المنتج بغض النظر عن العائدات التجارية. ختاما حق لنا ان نفخر بمنطقة جازان وهي تشهد عبر تاريخها الحضاري النقلة التنموية الشاملة في شتى المجالات تستمد التوجيه والمتابعة من سمو أمير المنطقة بدعم ومباركة من قيادة حكومتنا الرشيدة. دمتم بخير.. ودامت جازان كوكتيل الحياة الجميلة.
* فنجال قهوة بالزنجبيل قبل الوداع
الشعار الذي وضع لهذا المهرجان كان عليه بعض الملاحظات خاصة من ناحية ممسك الدلة وطريقة عرضها في تصميم الشعار. لكن الأمل يبقى حاضراً في تلافي مثل هذه الملاحظات ومعالجتها في المهرجانات القادمة.