أكدت دراسة حديثة أن ليبيا تواجه تهديدات بالغة الخطورة تفتح الطريق أمام الدولة الوليدة إلى عبور سريع باتجاه مستنقع الإفلاس والفشل، مشيرة إلى أن النزاعات القبلية والصراعات المحلية أحالت عملية التحول الديمقراطي إلى وضع فوضوي فيما بات البترول الذي يستطيع أن يؤمّن حياة الليبيين جزءاً من لعبة الصراع الدائر بين الدولة الرسمية ممثلة في الحكومة المرتبكة وقادة المليشيات المسيطرين عمليا على الأرض، وهو ما بات ينذر بمخاطر قد تدفع القوى الإقليمية والدولية إلى التضحية بليبيا وتحويلها إلى صومال جديدة.
وقالت الدراسة إن تردي الوضع الأمني وفقدان الدولة هيبتها انعكس على شكل أزمة مالية دفعت رئيس الوزراء علي زيدان إلى إعلان عجز حكومته عن سداد رواتب موظفيها، وأنها قد تضطر إلى الاقتراض لتسديد تلك الرواتب نتيجة توقف صادرات البترول في ظل حصار مستمر منذ أسابيع لمرافئ التصدير من قبل محتجين شرق البلاد.
وفي هذا الإطار يتزايد انزلاق ليبيا نحو الفوضى في وقت تفتقد الحكومة وسائل تحقيق الاستقرار في البلد، كما أنه من غير الواضح أيضاً كيف ستتعامل الحكومة مع المليشيات المسلحة التي تتحدى الحكم المركزي، فالمليشيات مازالت تسيطر على مناطق واسعة في المدن الليبية، ورغم أن الحكومة تبدو مصممة على مواجهتها إلا أن هناك شكوكاً في قدرتها على تحقيق الأمن وفرض القانون. ومن هذا المنطلق أكدت الدراسة أن ليبيا لا تزال تعاني من انفلات أمني واسع وموجة من الاغتيالات التي طالت مئات الأشخاص معظمهم من رجال الجيش والشرطة إضافة إلى رجال الدين والسياسة والإعلام.
وعلى الرغم من محاولات الدولة الرسمية في ليبيا تطويع قادة المجموعات المسلحة في إطار صفقات لشراء السلام وزعت خلالها السلطات الانتقالية ملايين الدولارات على العديد من المليشيات للانسحاب من المناطق وترسيخ مبدأ الأمن والفوضى إلا أنه بمجرد توقف الحكومة عن توزيع المكافآت أو الحوافز أو مجرد السعي إلى حل هذه المليشيات فإن الأخيرة تبدأ في مهاجمة مؤسسات الدولة وخطف مسئولين أو تعطيل مواقع نفطية في البلاد.
وشددت الدراسة على أنه إذا كانت ليبيا ما بعد القذافي تسعى لأن تكون دولة مؤسسات بعيدة عن مسمى الدولة الفاشلة فإن الأمر يتطلب توافر إرادة سياسية حقيقية تدفع بشركاء الوطن الجديد إلى العمل سويا لإنقاذه من الانهيار والسقوط في مستنقع الفشل.