عزوف الشباب عن الزواج ظاهرة، تثير القلق لحال أولئك الفتيات اللاتي أضحين نهباً للاكتئاب، فيجب علينا من باب دورنا الإعلامي وعبر الصحف، وأيضاً يقع الدور الأكبر على خطباء الجمعة، وعبر منابر صلوات الجمع، أن نناشد الأهالي وأولياء الأمور للتخفيف من غلواء الاشتراطات والمهور، وذلك لتسهيل الزواج وتيسيره أمام الراغبين لرفع الضغط النفسي عن تأهيل الفتيات والفتيان الشباب والشابات، فأعتقد من وجهة نظري أنّ المغالاة في المهور، تعتبر سبباً رئيسياً وأساسياً لعزوف الكثير من الشباب عن الزواج، فالشباب في بداية حياته العملية غالباً يكون ذا دخل محدود، ولكنه يريد أن يحصّن نفسه بالزواج فيصطدم بغلاء المهور والتي ليس هناك ما يبرر زيادتها، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: من أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه .
بمعنى الحديث. ولكن الملاحظ في الوقت الحالي، أنّ أغلب الآباء والأولياء يبحثون عن ذي الدخل الممتاز أولاً وبعض الأمور الأخرى، فحينما أوصى الرسول الكريم بصفة الشاب المتقدم للزواج والذي هو يكون على دين وخلق، فهو يعلم أنّ من تتوافر فيه هذه الصفات يضمن بإذن الله تعالى قدرته وحرصه على مراعاة حقوق زوجته. فنحن شعب مسلم يجب أن نتساعد ونقضي على هذه الظاهرة المزعجة، وكما يعلم الجميع أنّ في تقليل المهر اتباعاً لشرع وموافقة له لحصول البركة والتوافق والوئام، بينما نجد العكس في غلاء المهور وقف حائراً ولم يستطع الزواج، وكم من شاب حاول أن يروّض غلاء المهور بالسلفة من المال فلم يتم زواجه أكثر من عام بسبب الديون المتراكمة عليه ولم يستطع التفكير، فتذهب هذه الزوجة إلى بيت والدها الذي كان سبباً مباشراً في قضية الطلاق لأنه لم ييسر على الزوج المهر.
وكم من فتاة شابة جميلة أصبحت عانساً بسبب والدها وكثرة المال كمهر، ألا يعلم هذا الأب أنّ هذه الفتاة يجب أن تتزوّج وتستقل وتنجب أولاداً وتعيش حياتها في كل يسر وسهولة، فهو هنا وضعها وكأنها سيارة ينتظر أن تأتي بمبلغ وفير ليكتشف في النهاية أنها دخلت مرحلة العنوسة. فليعلم الجميع وعبر هذه الصفحة (وجهات نظر) أنّ المغالاة في المهور من قِبل الآباء تُعَد سبباً أساسياً لعزوف الكثير من الشباب عن الزواج.
وأعتقد أنّ هؤلاء المغالين لا يشعرون بمدى خطورة الانعكاسات السلبية لذلك سواء على الفرد أو المجتمع بأكمله، فيجب تخصيص بعض خطب الجمع ومعهم الدعاة والقضاة وكلٌّ بما يستطيع، أن يناقشوا هذه القضية حتى يتسنى للجميع الزواج بدون غلاء المهور، وأن يكون على قدر المعقول من غير مباهاة وتقليد الآخرين، وأن يكون الآباء والذين دائماً نسمع عنهم أنهم قاموا بتزويج بناتهم لشباب أصحاب خلق رفيع بمهر قليل جداً قدوة لنا، لأنّ الجميع يبحث عن سعادة أبنائه سواء كانوا شباباً أو شابات. وفي الختام الزواج نعمة وحلم كل شاب وفتاة ومرحلة فاصلة بين عهدين الأول جد واجتهاد ومثابرة وعذاب، والثاني استقرار وراحة بال وهدوء .. وفَّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.