توقفت كثيراً عند أبيات قالتها الشاعرة الكبيرة (موضي البرازية) أو مويضي كما يسميها البعض وكلا الاسمين صحيح فالثاني تصغير للأول وتمليح له فأغلب الأسماء الرجالية والنسائية كانت تصغّر وهي سمة سائدة إلى فترة ليست بعيدة وما زالت موجودة في بيئات وشرائح من المجتمع.
أقول توقفت عند أبيات موضي لواقعيتها ومنطقيتها وفكرتها الرائدة وإقناعنا بمبرارت هذه الواقعية وفوق كل هذا الأبيات منحوتة من جوهر الشعر الجميل بكل هيبته وشموخه كما أنها تأتي ضمن سياق السهل الممتنع وهنا يكمن جمالها وتفردها وخلودها.. ورغم أن القصيدة وردت بسياقات مختلفة لكنها لم تفقد قيمتها الفنية وجوهرها الجميل.
تقول مويضي:
نفسي تمنيني رجال الشجاعة
ودِّي بهم، مير المناعير صَلْفين
أريد مندسٍّ بوسط الجماعة
يرعى غنمهم والبهم والبعارين
واذا نزَرْته راح قلبه رَعَاعة
يقول: يا هافي الحشا وَيْش تبغين؟
وان قلت له: سو العشا قال: طاعة
دنى الهوادي والقدر والمواعين
لو اضربه مشتدّة في ذراعه
ما هو بشاكيني ولا الناس دارين
من النادر جداً أن يتخلى شاعر عن أجمل أمنياته وأهم أحلامه ويعترف بهذا التنازل علناً بعد أن يسوق مبرراته.. ومن النادر أن تجد قصيدة أملاها العقل بمعزل عن العاطفة وأقنعنا أنه يقول شعرا عذبا كالزلال رقيقا كالزهر ندي كالمطر.. مويضي فعلت ذلك بكل حرفنة واقتدار .. إنها شاعرة فذة رحمها الله وجميع موتى المسلمين.