الجزيرة - المحليات:
أكد معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري أن التعليم العالي بدأ مرحلة جديدة في تطوُّره، تعتمد على الجودة، ورفع كفاءة الإنتاج، ومنافسة المخرجات، وأن من أهم أولويات التعليم العالي بناء مواطن صالح مخلص الولاء لوطنه، يعرف الحق فيتبعه، والباطل فيتجنبه، وبذلك تترسخ النزاهة في النفوس، وتنمَّى حواجز أخلاقية بين المرء والوقوع في أي من مسالك الفساد في بيئة العمل.
جاء ذلك لدى رعايته الحلقة التعريفية بالاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، التي عُقدت أمس بمقر الوزارة بالرياض، بحضور معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الأستاذ محمد بن عبدالله الشريف. وقال الدكتور العنقري إن الوزارة أضافت هذه الندوة إلى مجمل إجراءاتها في ترسيخ العمل المؤسسي، بما يضمن النزاهة والشفافية، وتطبيق النظام وروحه في سبيل تحقيق المنجز الوطني، في ظل قيادة رشيدة تعطي المسؤول كامل حريته للعمل، وتحمله مسؤولية الثقة.
وأضاف وزير التعليم العالي بقوله: «إن ما تحقق للإنسان السعودي يستحق الإشادة، وإن جهد أجهزة الدولة الرقابية، ممثلة في ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، كان - وما زال - شريكاً فيما يتحقق من إنجازات، وإن تحوُّل مفردة الفساد إلى صناعة تقوم عليها مراكز ودورات، ويتكسب بها البعض، لا يمكن أن يبني ولا أن يضخ في شرايين الأداء الحكومي سوى الإحباط والشعور بالخجل من الخدمة العامة؛ ولذلك فإن مسؤولية الأجهزة الرقابية تتجاوز المعنى الحرفي لمحاربة الفساد إلى العمل على تعزيز قيم النزاهة ومراجعة الأنظمة واللوائح؛ لتنسجم مع جهودها في تشجيع المخلصين من أبناء الوطن الذين يعملون ليل نهار من أجل رفعته، ومن أجل الحد من الهدر في الوقت أو المال، والعمل على كل ما يعزز الجودة في الخدمات والمنتجات».
وتحدَّث وزير التعليم العالي عما شهدته مسيرة التعليم العالي في المملكة من تطوُّر، قائلاً: «إن المتتبع المنصف لهذه المسيرة يدرك حجم ما تحقق لإنسان هذا الوطن؛ إذ حدثت فيه تحولات تستحق الإشادة، رعاها ودعمها خادم الحرمين الشريفين، بدعم غير محدود لمؤسساته؛ فقد تضاعف عدد الجامعات الحكومية من ثماني جامعات إلى خمس وعشرين جامعة، لها فروع كثيرة في المحافظات المجاورة لمقارها الرئيسية، كما حظي التعليم الأهلي بدعم مادي كبير من قِبل الدولة؛ لتصل مؤسساته إلى عشر جامعات ونحو 30 كلية خاصة، وقد أدى هذا - بحمد الله، ثم بدعم القيادة الرشيدة - إلى رفع عدد المقاعد المتاحة في الجامعات السعودية لاستيعاب خريجي المرحلة الثانوية، وتحقق حلم الأسر السعودية بأن يتلقى أبناؤها تعليمهم الجامعي في مناطقهم ومحافظاتهم، فلم يعد هناك محافظة من محافظات المملكة بمعزل عن التعليم الحكومي أو الخاص، ولم يعد مستغرباً أن تكون مباني ومنشآت الجامعات الأكثر انتشاراً على مساحة الوطن، محققة بذلك تنمية شاملة ومتوازنة في جميع مناطق المملكة على المستوى المعرفي والاقتصادي والاجتماعي. أما برنامج خادم الحرمين الشريفين فقد شهد خلال السنوات الثماني الماضية ابتعاث أكثر من 200 ألف طالب وطالبة، عاد منهم بحمد الله أكثر من 50 ألفاً». مشيراً معاليه إلى أن نظام التعليم السعودي حل في المرتبة الـ28 من بين أفضل 50 نظاماً تعليمياً في العالم.
من جهته طالب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد معالي الأستاذ محمد الشريف وزارة التعليم العالي بأن يكون تنظيم هذا اللقاء بشكل سنوي بالتعاون مع الهيئة، مشيراً إلى أن ذلك له الأثر البالغ في رفع مستوى التوعية والتثقيف في الأوساط الجامعية في مجال مكافحة الفساد، ورفع الروح المعنوية ضد ممارسات الفساد، داعياً الجامعات كافة لإقامة أنشطة شبيهة في مجال حماية النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد.
وأضاف الشريف بأن مكافحة الفساد عملٌ يتطلب تضافر الجهود من الجميع، سواء من القطاع الحكومي أو الخاص، أو مؤسسات المجتمع المدني، في التوعية والتثقيف بمخاطر الفساد وأثره على التماسك الاجتماعي وتنمية الموارد الاقتصادية، كما يقع على عاتق المواطن والمقيم مسؤولية كبيرة في التعاون والإبلاغ عن حالات الفساد؛ فالجميع شركاء في الكشف عنه.
من جانبه كشف نائب وزير التعليم العالي معالي الدكتور أحمد بن محمد السيف أن الوزارة تعمل على إعداد خطة لوضع استراتيجية حماية النزاهة ومكافحة الفساد موضع التنفيذ، عبر تعميم الاستراتيجية على جميع منسوبي الوزارة، والجامعات والملحقيات، وإعداد مطويات دورية، وإقامة دورات تدريبية مكثفة لمنسوبي الوزارة كافة بشكل مستمر حول حماية النزاهة ومكافحة الفساد، إلى جانب إجراء مسابقات بحثية حول ذلك على مستوى الوزارة ومستوى الجامعات، تشرف عليه لجنة متخصصة، تشكَّل كل سنة، ويحدَّد فيها الموضوع والمكافأة التشجيعية للفائزين بها.
وشدَّد نائب وزير التعليم العالي على أن من أهم الملامح الرئيسية لمشروع الخطة التنفيذية أن يقوم قيادات الوزارة والملحقون الثقافيون بإجراءات، من بينها اختيار المسؤولين في الإدارات التنفيذية، التي لها علاقة بالمال والصرف والشراء والمستودعات، من الكفاءات المشهود لها بالنزاهة والأمانة، والتأكيد على عدم التمييز في التعامل وعدم النظر إلى المركز الوظيفي أو الاجتماعي للمراجع، والمساواة بين الجميع.
وأشار الدكتور السيف إلى أن الخطة تشتمل على قيام الإدارة العامة للمشاريع وإدارة المشتريات بعدد من الإجراءات النظامية والقانونية، منها إتاحة الفرصة العادلة والمتكافئة لجميع المتنافسين على المشاريع، وإعلان جميع العقود والمشاريع والمشتريات بجميع وسائل الإعلان، وتوحيد المشتريات والعقود وعدم تجزئتها إلا عند الضرورة.
وأضاف الدكتور السيف بأن تخصيص مكافأة تشجيعية للموظفين والمراجعين والمقاولين لكل من يتقدم بقرائن تشير إلى فساد أو تباين في المعاملة أو مقترحات يساهم في حماية النزاهة، وحماية المال العام.
وشهدت الحلقة التعريفية محاضرة للتعريف بالاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد لنائب رئيس هيئة مكافحة الفساد معالي الدكتور عبدالله العبد القادر، ومحاضرة عن دور هيئة الرقابة والتحقيق في حماية النزاهة ومكافحة الفساد للمدير العام للمتابعة والبحوث بهيئة الرقابة والتحقيق سعادة الأستاذ عبد العزيز المجلي.
وفي الجلسة الثانية تحدَّث رئيس اللجنة التنفيذية بالجمعية السعودية للمراجعين الداخليين الأستاذ يوسف المبارك عن دور المراجعة الداخلية في حماية النزاهة ومكافحة الفساد، فيما ألقى وكيل وزارة التعليم العالي للشؤون التعليمية الدكتور محمد العوهلي عن دور المراجعة الداخلية في حماية النزاهة ومكافحة الفساد، واختتم البرنامج بمحاضرة عن مسؤولية إدارات الشؤون الإدارية والمالية والمشتريات في الجامعات في حماية النزاهة ومكافحة الفساد، ألقاها المستشار والمشرف العام على الإدارة العامة للشؤون الإدارية والمالية بوزارة التعليم العالي أحمد العبد القادر.