نحمد الله سبحانه وتعالى أن سقى هذه البلاد بالأمطار من شمالها لجنوبها ومن غربها لشرقها، أغدق عليها الواهب جلّ جلاله بنعمائه وبزخّات بركاته بداية هذا العام 1435هـ عام خير وبركة إن شاء الله، فلقد جاءت هذه البشائر من الهماليل بوقتها المناسب والتي بمشيئة الله سوف تُعشِبُ بها الأرض لتلبس عامل اليخضور معلنةً لون الحياة هذه السنة كما يقول (الشياب) بوادرها بوادر الخير على الأرض، ولسوف تُخرج الأرض من باطنها مختلف أنواع العشب، فضلاً عن (الكمأ) الذي لم يظهر خلال سنوات عدة مضت في بلادنا والبلاد المجاورة، بالإضافة إلى زيادة منسوب ومخزون المياه في باطن الأرض.
عند سقوط الأمطار واختضاب الأرض بلون المطر، خرجت الأُسر على امتداد خارطة الوطن للتنزُّه ومشاهدة مواقع سقوط هذه الأمطار، يخرجون للبحث عن أجمل الأماكن البرية القريبة منها والبعيدة، يحطون رحالهم في هذا الوادي أو ذاك الشعيب بجانب هذه (الخبراء) ليستمتعوا وأطفالهم بهذه البحيرات الموسمية الوقتية بعد كل مرة يهطل بها وابل المطر ، نعم يبحث رب الأسرة عند التنزُّه عن الأماكن الأكثر جمالاً وجذباً للتنزُّه، ولكن للأسف الشديد أن الملاحظ أن كثيراً من المتنزّهين قبل أن يحطوا بهذا المكان الجميل يكون جميلاً بطبيعته ونظافته البيئية وبعدما يرحلون يتركون خلفهم أرضاً قد تغيّر لون وجهها، فقد كستها مخلّفاتهم المتبعثرة من ورق وأكياس نايلون وقشور بعض الفواكه وبواقي الأكل، مما يشوّه هذا المكان ويجعله غير صالح لأن يستخدمه الآخرون من بعدهم ، بعض رب الأسر ممن يتنزّهون لا يحث أولاده وأُسرته على تنظيف المكان الذي سكنه لبرهة ليرحل منه، ففي قرارة نفسه يقول لماذا أُنظف هذا الخلاء وهو ليس بيتاً لي أستقرُ به طيلة العمر!!! من يفكر هذا التفكير أشك بأنّ لديه التزاماً أخلاقياً حتى بنظافة منزله، فمن يعكس الصورة الحقيقية عنك من هذا الجانب هو تركك لمخلفاتك وراءك لتشوّه وجه الطبيعة والتي آذيتها بهذا السلوك غير السوي وغير الحضاري .. للأمانة أشاهد العديد من الأماكن البرية الجميلة والتي نحتاج إلى التنزُّه بها إلاّ إننا لا نستطيع الاقتراب منها بسبب الأوساخ والمخلّفات المحيطة بها بفعل البشر!!! فلماذا يا أخي أيها المتنزّه لماذا لا تجلب معك كيساً للنفايات وتضع به كل مخلّفاتك لتترك المكان جميلاً نظيفاً كما كان قبل مجيئك له، فهذا المكان ليس لك لوحدك فالجميع يريد ارتيادُه والتنزُّه به وعندما تقوم على تنظيفه وتحث أولادك على هذا الشيء والإحساس بالمسئولية، سوف يأخذون عنك ذلك وسوف يتعلمون النظافة في أي مكان وفي أي زمان، وبهذا السلوك سوف تقي نفسك وعائلتك دعاء الناس عليك، فتذكّر أنك عندما جئت لهذا المكان كان السبب لنظافته واحتوائه على عناصر التنزُّه ولغيرك حق التنزُّه أيضاً به.
حديثنا هنا عمّن يسيء لنفسه بالدرجة الأولى بعدم الاكتراث بتنظيف مكان التنزُّه الذي قدِمَ وعنى نفسه للمجيء إليه، والحمد لله هناك العديد من الأُسر التي تحمل هاجساً كبيراً بنظافة المكان وتعتبره بمثابة (المنزل) وعندما ترحل منه تجعله نظيفاً جميلاً كما وطئته أول مرة ولربما أفضل، بل إنها ترفع المخلّفات الموجودة سابقاً والمحدثة من قِبل متنزّهين سابقين ، هذه الأُسر لديها إحساس بالوطنية والمسئولية لأنّ وطنيتنا نترجمها على أرضنا وعلى ذرّات تراب بلادنا إنْ كان بالمدينة أو بالبرية، فالإنسان النظيف بالفطرة يظل نظيفاً في كل زمان وفي أي مكان، وهذا هو المواطن الصالح الذي يمثل إنسان هذه البلاد انطلاقاً من ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحثنا على النظافة فـ(النظافة من الإيمان).