قلة من الناس يمكن وصفهم بالموسوعيين لتمكنهم من الجمع بين أكثر من فن من فنون المعرفة وبسعة في الاطلاع والبحث يكاد المتابع يقتنع بأنهم تخصصوا في هذا المجال دون سواه.
ومن بين هؤلاء الشاعر والإداري والباحث الأكاديمي الدكتور أسامة عبد الرحمن وعذرا إذا قدمت صفة الشاعر فيه على غيرها لأني أولا أنتمي إلى هذا المجال ولأن مقتضيات المقال هنا في صفحة أدبية تقتضي تقديم صفة الأدب على ما عداها مع أن كل المعارف ثقافة وآداب.
قرابة الـ20 إصدارا شعريا و7 كتب علمية هو ما ظهر من نتاج جهد الدكتور أسامة وقد سخر جهده العلمي لخدمة واقعه فلم يذهب بعيدا أو يتخيل قضية ترفية غير ذات صلة بالواقع بل جعل جل اهتمامه في مؤلفاته العلمية هو النفط هذا المورد الذي شئنا أم أبينا هو قطب الرحى الذي تدور عليه حياتنا في دول الخليج وقد ناقش الدكتور أسامة الموضوع من أكثر من زاوية منها الاعتماد على النفط كمورد وحيد وبيروقراطية النفط وحوار مع النفط في كتابه عفوا أيها النفط.
ونادرا ما نجد مثقفا بوعي الدكتور أسامة عبد الرحمن الذي لم يكن متعاليا ويتعامل مع واقعه من برج عاجي وإنما غاص في عمق واقعه وبالذات التنموي منه الذي تجاوزه الكثيرون وإن تعامل معه البعض صفحا وبملامسة سطحية لكن الدكتور أسامة تعامل مع كل التحديات التنموية التي أفرزها النفط مثيرا العديد من الأسئلة ومجيبا عن العديد منها وبروح العالم الذي لا يهدف إلى تجميل الواقع أو تهويله وإنما مواجهته ووضع الآخرين أمام صور التحديات الحقيقية في هذا الواقع.
أما في شعره فهو ذلك الإنسان الذي يعيش مختلف حالات النفس البشرية فهو ذلك الذي يحب ويكره ويفرح ويحزن ويغضب ويمرح ولا تستطيع تصنيفه أو حصره في واد من أودية الشعر دون غيره فهو فارس في الغزل وفارس في الوطنية وصادق في الإخوانيات والاجتماعيات ولذلك لا تمتلك إلا أن تمنحه صفة الشاعر والشاعر فقط وهي ميزة لم تتوفر لكثير من الشعراء غيره عبر عصور عدة وفي مختلف الثقافات.
ويطول الحديث عن الدكتور أسامة عبد الرحمن بقدر سعة وشمولية عطائه ويحق لنا أن نفخر أن يكون من بيننا مثقف بوعي وإنسانية وموسوعية الدكتور أسامة الذي استطاع أن يخط اسمه بأحرف من نور في صفحات واقعنا المعاصر ومهما كتبنا أو قلنا او استقصينا يظل عطاؤه أبلغ من كل تعبير وفوق كل خطاب فنسأل الله له الرحمة والخلود وأن يعوض الوطن عنه خيرا.