إبراهيم بن عبدالعزيز.. عرفته وأنا صبيٌّ صغيرٌ ألعب الكرة في طلعة الشميسي بمدينة الرياض.. حين تتسع دائرة الملعب نصل إلى بيته فيمرُّ بنا مبتسمًا بصحبة ابنه البكر عبدالعزيز.. في حي عليشة شاهدت ذات الابتسامة لكنها حزينة بفم مغلق تحاول أن تفرَّ من قسمات وجهه الحزين، فقد رحل ابنه البكر عبد العزيز وهو يقترب من عمر الثلاثين!
حين انتقل إلى بيته في حي المربع كان أبناء عمومتي وأنا نذهب إلى بيته مستبشرين في كلِّ مناسبة لاستثمار ساحة بيته الكبير نسبيًّا آنذاك للعب كرة القدم.. وبالرغم من أنَّنا كنَّا نملأ البيت ضجيجًا.. إلا أن ابتسامته كانت دائمًا الإشارة لنا بالاستمرار باللعب.. منذ طفولتي وأنا أراه يتصدر المجلس صامتًا لا يتحدث إلا نادرًا.. وإذا تحدث فلا ينطق إلا بخير وإصلاح ذات بين.. لم يكن يرد ذا حاجة.. ولا يسمع بذي حاجة إلا سبقه إلى العطاء قبل السؤال.. قصص كثيرة سمعتها ومواقف مشهودة لم يكن يحب أن تروى أو تحكى.. كان يستودعها في قلوب الناس.. ولذا لم يكن من الغرابة أن يحضر عزاءه أقوامٌ من البسطاء لم يعرفهم أحدٌ!!
بعد زواجي من قرة عيني وبهجة أبيها زوجتي «مشاعل» أصبحت أكثر قربًا من العم إبراهيم.. أدركت أنّه مهمومٌ بهموم الناس تحزنه قصص الأرامل والأيتام.. كل رحيل يترك ثلمة في قلبه بدأت بنجله البكر عبد العزيز، ثمَّ بزوج ابنته الوسطى أحمد، ثمَّ برحيل شقيق روحه ابنه عجلان.. مرورًا بكلِّ راحل ترك في قلبه أثرًا.. كان العم إبراهيم أبو عبد العزيز وفيًّا لذاكرته يبكي صامتًا لكل رحيل.. يزرع البهجة في قلوب الأيامى والمحتاجين.. لا يصبغ المكان الذي يحتويه بالحزن، بل يمتصه ليكون في قلبه وحده ويبثه فرحًا في قلوب الآخرين!!.. كانت حكمته محج العائلة وملجأها ورأيه الأكمل حين يعزّ الصواب... لم يعلّق حبالاً طويلة في الدنيا بل كان مستعدًا للرحيل قبل عقود من رحيله.. فلم يترك أرضًا إلا زرعها بالصالحات ولا قلبًا إلا حمَّله الدعوات.. رحل إبراهيم بن عبد العزيز لكن غراسه يثمر كل يوم في أرواحنا
أبو تمام:
عليك سلام الله وقفًا فإنني
رأيت الكريم الحر ليس له عمر
** ** **
* الاسم الذي عرف به العم إبراهيم بن عبد العزيز بن محمد العجلان -رحمه الله- في أوساط عائلته ومحبيه