حين تحتفي الشركات الخِدَميةُ في نهاية كل عام مالي بمكاسبها و تلك التي ليست عددا قليلا من الألوف، بل أعدادا من مضاعفاتها المليونية، بل المليارية، لا أذهب مع فرحتها، واحتفائها دهشة بإنجازاتها الخارقة، كما لا أستسيغ ما تصرح به من نجاحاتها، بل أقف عند أهمية أن يتعرف عملاؤها كيف حصدت مثل شركة الاتصالات الوطنية هذه الأرباح العالية على سبيل المثال..؟ وأقارنها ليس بمستوى الخدمات التي تقدمها وحدها، ومنها على سبيل المثال الانتظار لأكثر من نصف ساعة، والقسر الإجباري لسماع مكرر لشريط خدماتها الذي هو عن سبل لمزيد من استنزاف الجيوب، فيضطر المستمع لهذا الشريط الممل إلى إغلاق الخط رحمة بوقته، ومشاغله التي تتجاهلها هذه الشركة,وهي تجعله في انتظار أن يجيب موظفها بسرعة ولا يحدث,..إذ في النهاية يحسن به العودة لموقع الشركة الإلكتروني، مع أن المراجع يكون بحاجة عاجلة « للتحدث مع أحد موظفيها»..!!
ليس من ينكر ما حققته هذه الشركة من انتشار، لكن الأغلب أن الأكثرية تُنكر هذا السقف العالي من الربحية السنوية التي تحصدها الشركة، ويدفع هو المبلغ الأعلى فيها مقابل خدماتها..، ويعود ليقول: إذا كانت مثل هذه الخدمة العامة عالية الضرورة، إذ ليس من شخص لا يميل بشدة إلى اقتناء هاتف خاص به، لحاجة، وضرورة ومصلحة، وعلاقات مختلفة، لكن مادام هذا ما تحققه الشركة من أرباح أليس الأولى أن تخفض مستوى المقابل المادي لها..، وبدلا من أن تكسب من مستخدميها ألفا، لتكسب نصف الألف، وبدلا من أن تربح مليونا، فليكن ربحها نصف المليون،... أوليست هذه الأرباح من مصدر رئيس هو المواطن..؟ وهو الذي في المقابل يستخدم بنهم مرَضي وسيلة الهاتف الجوال، وما يدخل في أنواع خدمات هذه الشركة من باقات، وإنترنت ومنافذ استنزاف في هيئة تخفيضات، وفرص، وتنويع.. ، ونحوها مما يستوطن لديه ويستقر في ذهنه بأنها ميسرات لخدمته..؟!!
إن معالجة كل أمر يرتبط بفائدة المواطن، ورفع عبء الخدمات عن كاهله..، ينبغي أن يتجه، وبسرعة إلى البحث عن مصادر ربحية مؤسساته وشركاته، وتحديدا حين تكون ضمن قطاع «الخدمات العامة» الملحة في الحياة، والضرورة لتيسيرها، وتأتي في مقدمتها شركات الاتصالات ذات المساس بالمواطن، وذات الربحية العالية حدا ملفتا، من أجل أن يتحقق توفير الخدمة عنها بما يعقل من الربح، ولتخفيف مستوى الربح لهذه الشركات نهاية كل عام مالي، في الجانب الذي يتعلق فيه مصدر أرباحها بالقيمة المقابلة لما تقدمه للمواطن..فالأولى أن تكون أقرب للأدنى منها للأعلى.. ليكون هناك توازن بينهما.