اختتمت قبل يومين قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي استضافتها دولة الكويت الشقيقة، ورغم أنّ بيانها الختامي حمل كثيراً من القرارات الهامة في الشأن الاقتصادي، وشؤون الإنسان، والبيئة، خصوصاً ما يتعلّق بالشباب، وأيضاً الشأنين العسكري، والأمني، إذ تمّت الموافقة على إنشاء القيادة العسكرية الموحّدة لدول المجلس، وإنشاء أكاديمية خليجية للدراسات الإستراتيجية والأمنية، إضافة إلى إنشاء جهاز للشرطة الخليجية ، وهو الجهاز الذي سوف يساهم في تعزيز العمل الأمني، ويوسع مجالات التعاون، والتنسيق المشترك بين الأجهزة الأمنية في دول المجلس ومكافحة الإرهاب، إلاّ أنّ هذه القرارات الهامة قصرت قليلاً عن الحلم الكبير، والمتمثل بمقترح خادم الحرمين الشريفين بالاتحاد الخليجي، وهو المقترح الذي انتظرته شعوب الخليج طويلاً، وحال دون تحقيقه بعض الأشقاء بطريقة صريحة، وواضحة، وغير مفهومة كلياً!.
مسألة الاتحاد الخليجي لم تَعُد ترفاً، بل ضرورة تحتّمها متطلّبات المرحلة الراهنة، والتي تشهد أحداثاً إقليمية، ودولية لا ينفع معها الانعزال، ولا النهج السياسي الفردي، فهذا زمن التكتلات السياسية، ولنا في الاتحاد الأوروبي خير مثال، مع أنه يجمع دولاً بينها اختلافات جذرية، دينية، ولغوية، وعرقية، وثقافية، في مقابل منظومة الخليج المتماثلة تقريباً في هذه المشتركات، ولا أعتقد أنّ هناك أحداً سيجادل في أهمية قيام هذا الاتحاد، ورغم ذلك فقد رافق قمة الكويت بعض من التطوّرات الإيجابية، والتي تحدث لأول مرة.
فقد ألقى رئيس مجلس الأمة الكويتي، ورئيس الاجتماع الدوري السابع لرؤساء المجالس التشريعية الخليجية، السيد مرزوق علي الغانم كلمة ضافية، ولعلّه لا يخفى مغزى مشاركة ممثل البرلمانات الخليجية في هذه القمة، خصوصاً وأنّ ذلك توافق، أيضاً، مع تكليف قادة دول المجلس للأمانة العامة بالتواصل « مع الرأي العام الخليجي، ومواطني دول المجلس، والكتّاب، والمفكرين للتعرّف على آرائهم ومقترحاتهم بشأن سبل تعزيز مسيرة المجلس بما يحقق المصالح المشتركة لدوله، وشعوبه، وإطلاعهم على الخطوات التي يتم إنجازها في الخطط والمشاريع التي تم تبنّيها «، وهنا يبدو واضحاً حرص القادة على أهمية المشاركة الشعبية في مسيرة هذا المجلس العتيد، وهي خطوة إيجابية، ومتقدمة بكل المقاييس.
أيضاً، ثمة نقطة إيجابية أخرى، تمثّلت في مشاركة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة، والمعارضة السورية، السيد أحمد عاصي الجربا في ختام القمة، وذلك عبر كلمة قوية، وهي خطوة ربما هدف قادة الخليج من خلالها على تأكيد تأييدهم لتطلّعات الشعب السوري في الحرية، والسلام مستقبلاً، وخلاصة الحديث هي أنّ قمة الكويت تبنّت كثيراً من القرارات الهامة، وحملت مفاجآت جميلة، ولكنها لم تحقق حلم الخليجيين في إعلان « مشروع الاتحاد الخليجي الكامل «، وهو الحلم الذي أصبح ضرورة قصوى، في ظل الظروف الإقليمية الحالية.