أشاد عبد المقصود خوجة بالشاعر الإماراتي الدكتور شهاب محمد عبده غانم وقال ليلة تكريمه بالاثنينية لقد ذاع صيت ضيفنا وانتشر أريج إبداعات شعره وأدبه، غراس نما وأينع على ضفاف خليجنا العربي، أول عربي ينال جائزة طاغور، وله مع العلوم التطبيقية شأن يليق بقيمته وقامته، فأبدع وأجاد، وإنه لمكان تكريم وحفاوة لمنجزه العلمي والثقافي.. اتضحت له الرؤية ومعالم الطريق حين جأر الحرف بين جنباته، ومارت الكلمة، فأرغد العالم بأعمال جادة في الترجمة، والشعر، والنثر.. ويبقى الشعر أبداً «جوهر صدر المحافل». يعدّ ضيفنا الكريم أحد أبرز الشعراء الإماراتيين الذين لهم باع طويل في مجال الفكر والأدب، ساهم في تأسيس الحركة الثقافية والشعرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، يسعى إلى إبراز وجه بلاده الثقافي من خلال ما ينشره في بعض الصحف والمجلات العربية، وما يترجمه من أشعار إلى لغات أخرى، مؤكدا أهمية التفاعل الثقافي بين الحضارات والشعوب، الذي من شأنه أن يعزز العلاقات على كافة المستويات، وبالتالي يحد كثيرا من آفة الصراعات والحروبات، نقف الليلة معه منتشياً بلذة الحرف، بما امتاز به من أفق لغوي، يمنح اللغة ما تستحقه من عناية ورعاية وإتقان حصيف، وانتقاء دقيق لمفرداته وقاموسه، حريص على وضع الصور الجمالية في إطارها الذي يستوعب رونقها وبهاءها، يحشد طاقاته لإبداعات متجددة.. تثير الخيال وترغد الوجدان، نظرة عجلى إلى مؤلفاته ترسم ملامح مهمة في الحراك الشعري الخليجي الراهن، صوّركثيراً من المعاني التي انتزعها جرأة وشفافية من خلال كثير من التجارب والمناسبات التي وقف عندها متأملاً وراصداً لحركة الحياة من حوله، يرسم بريشته صنوفا من المواقف والتناقضات التي أيقظت في نفسه نوعا من القلق، خاصة وقد تجاذبته أطراف الغربة بين مدينتي عدن وصنعاء في ذلك الوقت ثم الغربة القصية، مما دفعه نحو مرافئ الحس والفكر والثقافة، وجد نفسه في بيئة غمرته بمكتبة والده الوارفة في متعة أدبية تربى عليها كما تربى عليها أفراد أسرته الكبيرة التي امتهنت الشعر، و عزفت على أوتار الأدب والثقافة. لضيفنا الكبير إسهاماته الرصينة في فن المقالة، التي وسمها بعمق معرفي، أبعدها في كثير من الأحيان مما يشوب المقالات الصحفية من عيوب مهنية، وضبابية فكرية، وعدم وضوح الرؤى، وكثيراً ما يبتعد عن الوقوع في شراك التشنج لرأي، أو ضحالة التناول لموضوعات لا تشكل إضافةحقيقية لذائقة المتلقي، ينتخبها بموضوعية واضحة، وكثيراً ما تمس المحور المركزي لكثير من القضايا الاجتماعية والثقافية في الساحة الأدبية الراهنة. وفي مجال الكتابة الأدبية لم يأمن ضيفنا الكريم غوائل الاختلاف حول عطائه ما بين مادح وقادح، فتلك طبيعة الأشياء، غير أنه يرى أن الأمر يتعلق دائما بعصب المبادئ التي يؤمن بها، فالحياة مبدأ يثبت أمامه ما وجد لذلك طريقاً، إنها مسألة رأي يجب أن يقال من أجل أهداف ومصالح عليا تشكل النسيج الحي الذي يتفق حوله الجميع دون مزايدات. حاملا رسالته التي لم يبخل عليها بجهده ووقته بل ظل دائماً الواثق في مقدراته وكفاءته، وعدالة الموضوعات التي يعالجها ويعمل عليها وفق مرئياته وآماله وتطلعاته، وأحسبه ظل وفياً لقلمه وعلاقته بالآخر.. تجربته الأولى ديوان شعر بعنوان (بين شط وآخر) دفع به إلى المطبعة عام 1404 هـ 1982 كتب مقدمته الشاعر اليمني الكبير السيد أحمد بن محمد الشامي الذي أصدرت الاثنينية المجموعة الكاملة لأعماله في ثلاثة مجلدات عام 1413هـ الموافق 1993م، كتب شاعرنا الجميل القصيدة العمودية، وقصيدة التفعيلة، بذات النفس الذي يومض بريقاً بين جنبيه، ثم ينسكب عطراً أو جمراً على الورق.. فقد تناول مختلف أغراض الشعر بكثير من الإبداع المترع بالأصالة.. فللإخوانيات نصيب، وللرثاء جانب، وللحب موئل، وللسياسة دروب، وللشأن العام اضبارات مترعات بالآلام والآمال. ضيفنا الكريم ممزوج بين وطنين: الإمارات التي جعلته يحتضن شعره، واليمن التي خلفت صوت أبيه عند شوارع الغربة، ورسمت ملامح فيما قال الدكتور محمد علي البار في كلمته أن الدكتور شهاب له مجموعة دواوين شعرية منها بين شط وآخر، وبصمات على الرمال وشواظ العتمة ومن أهم أعمال المترجمة إلى اللغة العربية ( رنين الثريا) والمعروفة باسم ( يا الله ) لكملا ثريا الشاعرة الهندية التي أعلنت إسلامها، فهو عملاق في الترجمة، وقد اهتم بأشعار والده كما اهتم بإلقاء الضوء على مختارات من شعر خاله (علي لقمان) ومختارات من شعر البردوني وشعراء الامارات وصفحات من الأدب المعاصر في اليمن.
د. يوسف العارف أكد في كلمته أن غانم يجسد تجربته الشعرية وعلاقته بالنص الشعري وكيف تنشأ عنده القصيدة بهذه الصورة المعبرة فهو طائر يطير بجناحين جناح الوطن الأم حيث الآباء والأجداد حيث صوت الوالد العلامة وصوت شعراء اليمن المبدعين وجناح الوطن الذي احتضن هذا الإبداع والتألق (دولة الإمارات) كما تتنامى شاعريته من خلال قصيدة التفعيلة التي تجد مساحة كبيرة في مجمل إنتاجه الرصين، وهذا يعني للنقاد تمازجا شعريا كبيرا بين قصيدة النظم البيتية وقصيدة التفعيلة يغلفها بشيء من العاطفة الجياشة والرومانسية الشاعرية والصور الواقعية. يعجبك في شاعريته أنه لم يتخذ من الغموض والرمزية والتعتيم في شعره أفقا شعريا جديدا يمارس القصيدة التراثية على نسق متعارف، بعدها تناول الغانم في كلمته مجموعة من القصائد التي تراوحت بين الوطنية والغربة والأسرة الصغيرة والكبيرة وقضايا الأمة، والعولمة، ووفي قصيدة بعنوان (زمن الشعوب) قال:
نبكيك يا زايد الخيرات في زمن
فيه الشعوب على الحكام تنتفض
كما قرأ قصيدة له غناها المنشد سامي يوسف:
ألا بذكرك قلبي يطمئن وهل
بغير ذكرك قلب المرء يرتاح
ألا بذكرك يا رباه طمأنة
والغم عن جنبات الصدر ينزاح
فأنت وحدك جبار ومقتدر
وأنت وحدك غفار وصفاح
وعن العولمة قال:
ما هي العولمة أهي دين جديد
كل شيء يلوح جميلا من بعيد