في مثل هذا التاريخ 18 ديسمبر من كل سنةيُحتفل باليوم العالمي للغة العربية وذلك لكون هذا التاريخ اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190، والذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة بعد اقتراح قدمته عدد من الدول العربية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو. وعلى نفس القياس يحتفل باللغات الأخرى المعتمدة في الأمم المتحدة أيضا، فتحتفل الفرنسية بيومها في 20 آذار/مارس وهو اليوم الدولي للفرانكفونية، وتحتفل اللغة الصينية في 20 نيسان/أبريل تخليدا لذكرى سانغ جيه مؤسس الأبجدية الصينية ، وتحتفل اللغة الإنجليزية بيومها الذي يصادف 23 إبريل وهو يوم مولد وليام شكسبير ، ، و6 حزيران/يونيه هو يوم اللغة الروسية ويوافق الذكرى السنوية لميلاد الشاعر الروسي ألكساندر بوشكين وللغة الإسبانية يومها الذي يصادف 12 تشرين الأول/أكتوبر - وهو يوم الثقافة الإسبانية.
ولاشك أن في ظل هيمنة وسائل الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي أصبحت كل تلك اللغات ومنها لغتنا الخالدة عرضة لتجاذبات شعوبها والمتحدثين بها والمهتمين بها فهناك من يبذل كل جهد أن تأخذ لغته المحبوبة حيزاً في ذلك الفضاء وأن تستأثر بنسبة مقبولة في تكوين المحتويات المعرفية ، وعلى النقيض هناك من شَرَقَ وغَرَب. وفي هذه العجالة لن نعيد التأكيد على أهمية لغتنا العربية والتي نزل بها الوحي الكريم بلسان عربي مبين على النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن لابد من إعادة طرح الأسئلة الملحة والتي لا تبحث عن جوابٍ فقط ولكنها تبحث عن فعلٍ دائم.
ومن الأسئلة التي أود أن أعيد طرحها هنا هو « ماهي الأولوية ؟هل ندافع عن لغتنا الخالدة أم نحافظ على ثقافتنا العربية؟ « ولمحاولة طرق الجوانب المحتملة للحصول على بيان أكثر للتحديات التي يحويها هذا السؤال، قد يكون من الأجدر أن نعيد النظر في مبادراتنا المتعلقة باللغة العربية سواء على المستوى الرسمي أو المجتمعي ، فليس من الضروري أن نبتعد عن لغات العلوم المعاصرة ظناً أن ذلك دفاعاً عن لغتنا العربية ، قد لا يكون الأمر كذلك فعالمية رسالتنا تدعونا إلى التواصل مع كل الشعوب بلغاتهم ولهجاتهم للوصول إلى عقولهم وقلوبهم ، وبنفس الدافعية ستكون لدينا الرغبة والفرصة والقدرة على أخذ بقية العلوم النظرية والتطبيقية من أي مكان وبكل لغة بمنظورها المتعلق بأعلى درجات المعرفة وهي الحكمة والتي هي «ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها « وهي أفضل ما يهبه الله سبحانه وتعالى للإنسان بعد الإيمان.
وعلى الجانب الآخر، وبنفس الدافعية يجب أن نستثمر بجدية واحترافية في المحافظة على ثقافتنا العربية والتي تتطلب منا أفرادا وجماعات أن نعمل على تأسيسها وتأصيلها في أبنائنا منذ نعومة أظفارهم.
وإن لم يسمح الوقت لمناقشة جهود قطاع التربية والتعليم في مستوياته الأساسية والعليا ، يبقى دور المؤسسات العامة والخاصة مهم وضروري لربط الثقافة العربية بجوانب الحياة العملية في التجارة والصناعة مثل تعزيز اللغة العربية في نشر المعرفة وإقامة الفعاليات والمسابقات التي تجعل النشء فخورا بهويته وثقافته العربية في كل الأوقات ولا يفوتنا أن نشيد بجهود الكثير من شركاتنا الوطنية في زيادة المخزون المعرفي العربي لدى العامة والخاصة من خلال البرامج الثقافية ومسابقات القراءة والندوات التي تناقش مستقبل الثقافة العربية.
ودور البيت والمدرسة حيوي في المحافظة على هوية الأبناء واعتزازهم بلغتهم وثقافتهم العربية وكم هو أمر محير عندما تجد من يخاطب أبناءه وخصوصا النشء منهم بلغة أخرى غير العربية في بيئاتنا المحلية ظنا أن ذلك يساعدهم على التفوق في تلك اللغة وقد لا نختلف معه في الحرص على إجادة كل ما نتعلمه والتفوق في تعلم اللغات الأخرى ولكن يمكنني القول « علموا أبناءكم ما تحبون من اللغات أولا ولكن جدوا في تعليمهم العربية قبل ذلك».
والأمل بعد الله في الجيل القادم ، فكما تحمس الشباب لأندية التوست ماسترز نتمنى أن نرى أندية الخطابة باللغة العربية وقد أصبحت في الواجهة في عواصم عالمية وأقبل عليها عشاق العربية من كل مكان.
نتمنى أن يقوم طلابنا المبتعثون وقد انتشروا في جغرافيا العالم - بدورهم في تأسيس أندية الخطابة والتواصل باللغة العربية أينما كانوا.
استعدوا فنحن أمام لوحة تزين مدخلاً لأحد المباني الجميلة في عاصمة عالمية « مرحباً بكم في نادي ربعي بن عامر للخطابة «.
حلم مشترك، فلنستيقظ لتحقيقه قبل أن يأتي اليوم الذي نعتذر فيه لأجيالنا القادمة عن ضياع لغتنا في ثقب أسود.
في الختام، قد نتفق أو نختلف على تحديد مثل هذا التاريخ كيوم للعربية والذي كانت نتيجته إيجابية - بتوفيق الله - في اعتماد اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة فشكرا لكل من ساهم في تلك المبادرة من الدول العربية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية في تلك المرحلة من تاريخ الأمم المتحدة سنة1973ميلادية.
لابأس ! يومٌ في السنة لنحتفل بلغتنا العربية، ولكن لنتفق على أننا نحتاج كل يومٍ للمحافظة على ثقافتنا العربية.