عانت السـيدة نورة على مدى أكثر من عشرين عاماً من أذى زوجها وعنفه النفسي والبدني وقسوته عليها وعلى أبنائه ما لا يتحمَّله بشرٌ! وقاست كثيراً من أجل أن تعيش كأي زوجه قدّر الله لها هذا الزوج ليكون شريكاً في الحياة دون شراكة عادلة، بل سيطرة وتسلط عليها وفظاظة في التعامل.
وفي ليلة أشبه بليالي الأحلام والكوابيس اعتدى على أبنائه بالضرب، وقرر أن يُطلقها ويخرجها وأولادها من بيتهم إلى فضاء الشارع ويغلق الباب دون حصولهم على أغراضهم الشخصية، وحتى حقيبة يدها التي تحوي هويتها الوطنية وبطاقة الصرف الآلي، وسافر خارج البلاد، فاتجهت فوراً للشرطة مع أبنائها لتشتكي وتطلب فتح الباب لأخذ بطاقتها لتستأجر شقة تؤويها وأطفالها إلا أن الشرطة اكتفت بتدوين الشكوى، ورفضوا فتح الباب أو مساعدتها لأن ذلك (ضد القانون)!! فاستعانت بعمدة الحي الذي وقف متفرجاً ومقترحاً عليها حلولاً وقتية بأن تسكن عند أحد أقاربها أو الجيران وتستر نفسها!! فذهبت لهيئة حقوق الإنسان وإدارة الحماية الاجتماعية الذين شاركوها وجدانياً وكتبوا تقريراً حول الحادثة فقط.. حاولت استخراج بطاقة الصرف الآلي إلا أن البنك طالبها بإثبات هويتها التي كانت موصدة أمامها الأبواب!.
اضطرت للسكن في شقة على سطح عمارة يملكها أحد أقاربها، وهي سيدة فاضلة وذات منصب إداري ومن عائلة محترمة تسكن خارج الرياض، بَيْد أنها أصبحت الآن ريشة في مهب الريح لا تستطيع التصرف بمالها ولا يشفع لها منصبها!
حين عاد والد أبنائها من نزهته تدخّل أهل الخير لفك الحصار عن أغراضها، وتم فتح الباب لتأخذ ممتلكاتها الخاصة، وعلى الفور اشترت بالتقسيط مسكناً لائقاً، محاولة منها أن تبدأ حياتها بسكون وتنسى ما حدث من كوارث نفسية وجراح غائرة، إلا أنه لم يتركها وشأنها فبدأ بالتنغيص عليهم ورفع عليها قضية طلب حضانة لأبنائه، ولكن الأبناء رفضوا ذلك وقاومت رغبته التعسفية، فهو من أخرجهم وآذاهم وضربهم فكيف تأمنه عليهم؟!.. وحاولت الصلح معه إلا أنه رفض أي حوار، فاضطرت لتوكيل محامٍ، واستمرت المرافعات والمداولات لأكثر من سنة وبعدها نطق القاضي بالحكم المذهل.. (سقوط الدعوى المقدمة من الأب ونيْل الأم حق حضانة الأبناء لأنها الأجدر وإلزامه بالنفقة السابقة واللاحقة، لأن الأب ليس جديراً بهم ولا أهلاً للتربية والرعاية حين ضربهم وأخرجهم من مسكنهم ليلاً غير آبه بمصيرهم ولا رحيماً بهم)!.
حقيقة لم تصدِّق نورة الحُكم العادل الذي حكمَ به القاضي المنصف، حيث استند على معطيات حقيقية من محاضر الشرطة وتقارير حقوق الإنسان وإدارة الحماية الاجتماعية، ولم يجعل لهوى نفسه مكاناً كعادة بعض القضاة الذين يقفون بصف الرجل بدعوى أن المرأة ناقصة وغير راشدة!.
شكراً للقاضي النزيه، وهنيئاً لكِ أيتها السيدة الفاضلة الصابرة العفيفة برعاية أبنائك، وأعانك الله على تربيتهم، ورزَقهم بِرِّك وردّ معروفك بجميل الإحسان إليك.