خلال الأسبوع الماضي أعلنت شركة بترورابغ توصلها إلى اتفاقية مع مساهميها المؤسسين (شركة أرامكو السعودية وشركة سوميتومو كيميكال)، شملت قيام أرامكو السعودية بتزويد بترورابغ يومياً بـخمسين مليون قدم مكعبة من غاز الميثان لحين استكمال شبكة الغاز الرئيسية في منطقة رابغ وتخصيص كميات الغاز المطلوبة، كما شملت أيضاً التزام أرامكو السعودية وسوميتومو كيميكال بخفض عمولة تسويق على المنتجات البتروكيماوية كافة بنحو ثلث معدلاتها الحالية، وإلغاء عمولة تسويق المنتجات البترولية في السوق المحلية.
لا شك أنه هذه الاتفاقية تمثل تطورات مهمة وإيجابية لمستقبل شركة بترورابغ، وربما لمستقبل القطاع البتروكيماوي كله، على اعتبار أن هناك شركات أخرى تحتاج لدعم مشابه، إلا أن شركة بترورابغ هنا أوضحت قضية خطيرة، تتمثل في أن قرار منح الغاز للشركات البتروكيماوية في المملكة هو في واقع الأمر قرار بين شركة أرامكو، وليس كما كنا نعتقد لأعوام طويلة جداً من أنه «قرار سيادي» منوط فقط بوزارة البترول والثروة المعدنية!! والمضحك أن الإعلان الثاني للشركة أوضح ذلك للمرة الثانية من خلال التأكيد على أن مسألة طلب تخصيص الغاز من الجهات التنظيمية هي «مسألة تحصيل حاصل»، على اعتبار أن أرامكو هي من وافق على تخصيص الغاز كما جاء في الاتفاقية!!
في السياق نفسه، ذكرت شركة بترورابغ في الإعلان الأول أن تنفيذ الاتفاقية سيكون له أثرٌ إيجابي على «الإيرادات» (وأرجو أن تركزوا على كلمة إيرادات)، بواقع مليار ريال في هذا العام، ومليار وثلاثمائة مليون ريال سنوياً في الأعوام القادمة، ثم بقدرة قادر أوضح الإعلان الثاني للشركة، الذي نُشر بعد الأول بأربعة أيام فقط، أن الأثر سيكون بالمبالغ نفسها، ولكن على «صافي الدخل»، دون الإشارة إلى «الإيرادات»، كما لو أنهما الشيء نفسه!! وطالما أن الإعلان الثاني لم يصحح الخطأ الكبير المنشور في الإعلان الأول فمن حقنا أن نقول الآن، وبكل ثقة، إن مسؤولي شركة بترورابغ لا يعرفون الفرق بين «الإيرادات» و»صافي الدخل»!!
مع كامل الاحترام والتقدير لمسؤولي شركة عملاقة مثل بترورابغ، إلا أن إعلانَيْ الشركة حول الاتفاقية الموقعة مع مساهميها المؤسسيين كشفا لنا حقائق خطيرة جداً عن المستوى المتدني للشفافية والثقافة المالية بين مسؤولي الشركات في المملكة، وتحديداً الكبرى منها، مع الأسف الشديد، وهذا بدوره يزيد من مسؤوليات هيئة السوق المالية والسوق المالية (تداول) تجاه رفع مستوى الوعي بين مسؤولي الشركات وتجاه رفع مستوى المعلومات التي تنشرها الشركات دورياً على موقع تداول، التي على ضوئها تؤثر بشكل كبير ومباشر في قرارات المستثمرين.